الحكمة المطلوبة كما عرفها ابن القيم (رحمه الله): هي فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت المناسب لها، فالحكمة ضالة المؤمن وهو الأحق والأجدر بالبحث عنها، والسير في هديها بتوفيق من الله. وفي هذا العصر الذي تسارعت فيه الخطى والأفكار وأصبحت التقنية الحديثة هي محور العلم والعمل في جميع المجالات، كان من الأولى الاهتمام بتعلمها والعناية بها في علومنا الربانية، وخاصة تعلم القرآن الكريم ورعاية حفظه وتقديم تفسيره في قوالب معاصرة سهلة للعالم والمتعلم. ففي الموسوعة الشاملة أكثر من خمسين عنوانا في التفسير وعلوم القرآن وغير ذلك، مما يسهل على الباحث في علوم القرآن الكريم سهولة الاطلاع والتمرس في البحث العلمي. ورأيت في بعض الجامعات المرموقة اهتماما متميزا بتعلم القرآن الكريم وتجويده عن طريق تأسيس معامل مجهزة بالتقنيات المناسبة لخدمة القرآن الكريم، وهذه فكرة جديرة بأن تعمم في مدارس تحفيظ القرآن الكريم للبنين والبنات، فهذا يقلل من نسبة الخطأ والاختلاف في التجويد بين المعلمين بالعناية بقراءة أئمة القراءة الصحيحة المجودة واعتمادها من قبل وزارة التربية والتعليم لتعميمها على المدارس القرآنية، وكذا في جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بالعمل في معامل تقنية لتعليم التجويد وتكرار الحفظ بدلا من الحلقات التقليدية، فالتقنية أصبحت عاملا ثقافيا مهما ومتميزا، يساعد على لفت أنظار الناشئة وجذبهم إلى تعلم كتاب الله عز وجل عن طريق المقرئ الإلكتروني المعتمد من الجهات المعنية. وأظن أن دورة الزمان لن تلتفت لمن لا يستخدم التقنية خلال السنوات المقبلة، بل سيكونون خارج نطاق الحكمة، لذا كان من الأولى مع انعقاد هذه الندوة المباركة الاهتمام بفكرة إدخال التقنية في مناهج تعليم القرآن الكريم على مستوى المدارس والجمعيات والجامعات، لكي تبني جيلا قادرا على حفظ القرآن الكريم وقراءته بالقراءات المتواترة، وملما بعلوم التقنية في هذا العصر، ليسهم في توصيل رسالة القرآن الكريم للعالمين. ومهما تعددت مضار التقنية خاصة لدى أصحاب القول الذي يعارض إدخال التقنية في خدمة القرآن الكريم، وهم يتمسكون بهذا الرأي أحيانا لذا ظهرت لهم الأخطاء الفادحة في إدخال برامج القرآن الكريم في أجهزة المحمول المنتشرة في المجتمع، من أجل هذا كان من الحلول الحكيمة لمعالجة الخطأ أن يتولى أهل القرآن من الحفاظ البارزين والباحثين المتمرسين عملية الاستعمالات التقنية في خدمة القرآن الكريم، فليس من الحكمة أن نرى تسارع أهل الدنيا للبحث عن الحكمة المعاصرة وتناولها من الشرق والغرب، بينما يظل أهل القرآن يراوحون الخطى. د. هدى بنت دليجان الدليجان