تشغيل قطار المشاعر، أو قطار الحرمين، الذي تم البدء في إنشائه، في موسم الحج المقبل، سيكون حدثا كبيرا وحلما انتظرناه بفارغ الصبر لسنوات طويلة. هذا القطار سيكون، بمشيئة الله، بداية الحل الفاعل لمشكلة الازدحام الرهيب للسيارات التي تشكل واحدة من أكبر مشاكل الحج، إن لم تكن أكبرها . وإذا أحسنا الاستفادة من هذا القطار فقد يغير صورة الحج ويجعله أكثر سلاسة وراحة ومتعة وأمانا. كيف سيكون أثر هذا القطار وكيف يكون الاستعداد له والاستفادة المثلى منه؟ أول أثر للقطار سيكون فك الارتباط بين الحاج والحافلة التي تقله .سوف يقلص ذلك آلاف الحافلات والسيارات الأخرى التي تشغل مساحات شاسعة من المشاعر في الظروف الحالية وهي واقفة معظم الوقت لا يستفاد منها كوسيلة نقل. سوف يوفر القطار الكثير من الساعات التي تستهلكها العزقات المرورية الخانقة مما يمكن الحجاج من الاستفادة من هذه الساعات في التعبد براحة في الخيام أو الهواء الطلق ، بدلا من التواجد داخل السيارات الواقفة أو التي تتحرك كالسلحفاة طوال ساعات النفرة الطويلة والمرهقة وغيرها. وعوضا عن التركيز على حركة المرور سوف يتطلب القطار التركيز على تنظيم الحشود البشرية أثناء التوجه إلى المحطات والخروج منها أو الانتظار فيها. وجود القطار، إذا ما صوحب بخرائط إرشادية جيدة بكافة اللغات وبتنظيم وترقيم واضحين للمخيمات سيخفف من الحاجة إلى التكتل ويشجع الحجاج على التحرك في مجموعات أصغر لتقلص خطر الضياع، وسيزيد ذلك من انسيابية الحركة وسهولتها. وسيخلق الاختلاط بين الحجاج أثناء ركوب القطار أو الانتظار في المحطات مزيدا من الفرص لتعرفهم على بعضهم البعض بدلا من انطواء كل مجموعة على نفسها في الحافلات الخاصة بها. سوف يخفف القطار إن شاء الله من حوادث السيارات، خاصة على الطرق السريعة إذا اكتمل ربط المشاعر بالحرمين الشريفين وجدة بحيث لا يحتاج حجاج الداخل إلى استخدام سياراتهم. وستقل الحاجة إلى سيارات الأجرة الصغيرة وسائقيها الذين يرهق بعضهم أنفسهم بسبب قلة النوم مما يزيد من احتمال وقوع الحوادث. وستقل أعطال السيارات وما يتبع ذلك من اختناقات مرورية. تقليص عدد السيارات بانبعاثاتها السامة سيخفف في نفس الوقت من تلوث هواء المشاعر، وسيجعله أكثر نقاء. استخدام القطار سيحرر الكثير من الحجاج ،خاصة حجاج الداخل، من الأمتعة والأثقال التي يشجعهم وجود السيارة على حملها. القطار سيدفع الحاج إلى أن يسافر خفيفا، لا يحمل معه أكثر من حقيبة صغيرة بها ملابسه ولوازمه الضرورية. سوف تتلاشى صورة سيارات «الجمس» أو الحافلات التي كنا نحملها كل شيء من أنواع الطعام وأدوات الطبخ ووسائله بما في ذلك أنبوبة الغاز، قبل أن يمنع حملها، والقدور الكبيرة ولفات الفرش الوثيرة والثقيلة. كل ذلك لن يكون ممكنا بعد القطار. مقابل ذلك ستزيد الحاجة إلى توفير خدمات أكثر وأكثر للحجيج في المشاعر. وسيشجع القطار مزيدا من الحجاج على المشي للمسافات التي يراها كل واحد منهم مناسبة له ما دام الركوب متاحا ومضمونا في محطات معينة. ما تأثير القطار المحتمل على طبيعة السكن في مشعر منى؟ أتمنى أن تغير سهوله الحركة مستقبلا بين منى ومكةالمكرمة من التفكير الحالي بملء منى بالعمائر العالية التي تحيلها إلى غابة أسمنتية. أتطلع أن يبقى أكبر قدر من منى صعيدا رحبا تتقارب فيه جموع الحجيج من بعضها البعض وأن يتم الحفاظ على طبيعتها قريبة قدر الإمكان إلى ما كانت عليه أيام سيدنا إبراهيم ونبينا محمد عليهما أفضل الصلاة والتسليم، مثلا أن تبقى جبالها ظاهرة للعيان وأن يبقى فضاؤها خاليا يسرح فيه النسيم العليل كما كان أيام الخليل ويبقى قمرها وهو يوشك على الاكتمال مطلا ونهارها مشمسا. يمكن تحقيق ذلك بقصر المباني السكنية على أحياء مكة القريبة من منى ولكن خارج حدودها بحيث يقضى الحجاج في منى فقط الساعات اللازمة لاحتساب المبيت ورمي الجمرات ثم يعودون إلى مساكنهم بسهولة بواسطة القطار مستفيدين من الفتاوى التي تجيز هذا الترتيب. في اعتقادي أن قطار المشاعر، إذا أحسن تصميمه واستغلاله سيؤدي إلى نقلة نوعية كبيرة في ترتيبات الحج بحيث يكون علامة فارقة بين «سنوات ما قبل القطار» وسنوات ما بعده، وسيجعل الحج، بمشيئة الله، أكثر روحانية وهدوءا وأمانا، والحجاج أكثر راحة واطمئنانا. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة