تابعت قصة انتحار حارس مرمى هانوفر الألماني وكان المرشح الأول لأن يكون حامي عرين منتخب ألمانيا في كأس العالم 2010م بجنوب أفريقيا روبرت إنكيه البالغ من العمر 32عاما. كان انتحاره بسبب «الاكتئاب» فهو لم يحتمل موت طفلته، وكان قد ترك رسالة اعتذار عما سيقدم عليه، وأنه لم يعد يحتمل الحياة بعد موت طفلته. ومن المؤكد أنه كان عند قبر ابنته «يتحدث معها وربما أخبرها، أنه لم يعد يحتمل فراقها، وأنه قادم إليها»، قبل أن يوقف سيارته أمام القطار الذي سحقه، فالحادث كان يبعد عن القبر الذي تسكنه طفلته 200م فقط لا غير. طبيبه الخاص «فالنتاين ماركسيل» أكد أن انكيه ترك رسالة، بل هو اتصل بالمستشفى يطلب إلغاء جميع المواعيد المحددة له، وأنه لم يعد يحتاج للعلاج. لاعبو ناديه ربما لن يستطيعوا ممارسة التمارين هذا الأسبوع فموته ترك حزنا كبيرا، فالمتحدث الرسمي لنادي هانوفر قال: «لسنا واثقين من قدرة لاعبي الفريق خوض المباراة المقبلة». تابعت المؤتمر الصحفي لمدير المنتخب الألماني «أولفير بيرهوف» والذي بث على قنوات العالم، وكان لإعلان تأجيل المباراة التي ستقام بين منتخب ألمانيا ومنتخب تشيلي، قال المدير الفني: «نحن تحت الصدمة لا أدري ماذا أقول» وراح يبكي حزنا. شاهدت الشموع والورود توضع بجانب صورة «إنكيه» الذي وبسبب عدم احتماله موت طفلته، دخل حالة اكتئاب سبب له ألما لا يطاق، فقرر في لحظة ضعف أن يقف أمام القطار لينهي كل هذا الألم. هل كان مخطئا.. هل كان مريضا بالحزن؟ ربما هذا.. ربما ذاك.. لكن المؤكد أن حزن الألمان كان واضحا على رحيل ابن لها، لم يحتمل أو لم يكن عقله قادرا على أن يحدد ما الصواب وما الخطأ بسبب مرض الاكتئاب الذي كان يعالج منه. الصور المبثوثة عبر القنوات لموت «إنكيه» استحضرت من ذاكرتي أحداث انتحار أستاذ التاريخ في جامعة أم القرى الدكتور ناصر الحارثي، وكيف تعاطى معه المجتمع. لم تبك جامعة أم القرى على ابنها، ولا هي وزارة التعليم العالي قالت إنها مصدومة وحزينة لموت الدكتور، هذا الصمت جعل الكثير يحاسب الدكتور ويحدد له أين سيذهب، وأي عذاب سيواجهه، مع أنه ذهب للرؤوف الرحيم. هذا الاستحضار الذهني لانتحارين، جعلني أفهم بشكل أوضح، متى يصبح الإنسان أنانيا ولا يخدم مجتمعه، وتصبح مصالحه أهم من المجتمع، ومتى يضحي من أجل مجتمعه؟ فالمجتمع الذي يملك قلبا كبيرا يسامح أبناءه، ولا يحاسبهم على خطأ وحيد لم يضر به أحد سواه، ولا هو هذا الخطأ ألغى كل ما فعله هذا الابن للمجتمع، فهو أي المجتمع سيرسل إشارات واضحة لأبنائه، بأنه سيحبهم رغم كل شيء، ولن ينساهم مهما حدث. فيما المجتمع الذي لا يغفر لأبنائه، يكفي أن تخطئ مرة واحدة ليمحى كل ما فعلته، هو مجتمع سيعلم أبناءه الأنانية، سيعلمهم ألا يعترفوا بأخطائهم لأن لا أحد سيغفر لهم، وسيتم نهش سمعتهم على أول خطأ. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة