فرض الحصار الجائر وإغلاق المعابر منذ ثلاث سنوات في قطاع غزة، على أبناء الشعب الفلسطيني، تهريب كل شيء من السلاح والبضائع والسلع الكهربائية والمواد الغذائية، إلى أن وصل إلى تهريب العرائس من الدول العربية، بعد أن فرض الاحتلال والحصار التفريق بين العائلات، والتفريق بين الأزواج، فبات دخول العرائس يتم عبر الأنفاق على الحدود المصرية الفلسطينية، بما بات يعرف ب «الزواج عبر الأنفاق». وبات الحديث عن إحضار عرائس عبر الأنفاق لا يبدو غريبا في منطقة الأنفاق في مدينة رفح جنوبي القطاع، فهناك يمكن سماع عشرات القصص من مالكي الأنفاق عن العرائس اللواتي يدخلن غزة بعد أن طال انتظار فتح الحدود والتنقل بحرية بين مصر ورفح. ورغم الصعاب والمخاطر التي تنتظر العرائس والأزواج داخل الأنفاق، وحالة الخوف والرعب خلال المرور عبر الظلام تحت الأرض، فإن الحاجة أم الاختراع، وكان لا بد من وجود وسيلة للتغلب على إيصال العرائس إلى عرسانهن، مهما كلف الأمر من مخاطر ومصاريف. ومن القصص التي تروى، انتظار شاب وصول ابنة عمه المخطوبة له من إحدى الدول العربية منذ عامين، وعندما عجزت عن الوصول عبر الطرق الرسمية، ولأنها لا تحمل بطاقة هوية وجواز سفر للعبور بشكل رسمي، قررت ركوب مخاطر النفق، قبل أن يفوتها قطار الزواج، ووصلت إلى عريسها، بعد أن تكلف وصولها أكثر من ثلاثة آلاف دولار. وكم كانت فرحة العريس وأهله عندما أطلت العروس من عتمة النفق إلى نور سطح الأرض في مدينة رفح، وزفتها عشرات السيارات من المدينة إلى غزة في مسيرة تواصلت لنحو 30 كيلو مترا. عروس أخرى من مدينة رام الله في الضفة الغربية، تعرفت إلى أحد الشباب من سكان القطاع الذي كان يدرس معها في جامعة بير زيت، وتمت خطبتهما قبل أكثر من عام، لكنها لم تستطع الحصول على تصريح للانتقال من الضفة الغربية إلى القطاع، بعد أن امتنعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن منحها التصريح للانتقال إلى عريسها، فقررت التوجه إلى مصر عبر الأردن، ومن هناك انتقلت إلى مدينة رفح المصرية، وجرى الاتفاق مع المهربين على توصيلها لعريسها في قطاع غزة، مقابل ألف دولار، واستغرقت الرحلة عبر نفق طوله نحو 700 متر عشر دقائق، خرجت بعدها لتلتقي بعريسها.