يضيء العالم اليوم 20 شمعة في الذكرى العشرين لسقوط سور برلين، وهو السقوط الذي وحد ألمانيا بعد ربع قرن من الانفصال، بل ووحد العالم أجمع تحت سماء الحرية والسلام والرخاء. عندما تحتفل ألمانيا والعالم أجمع باحتفال الحرية من 7 إلى 9 نو?مبر من كل عام، فإنها لا تحتفل بسقوط مجرد لسور من تراب وأحجار، بقدر ما تحتفل مجازيا بانقشاع زمن الشّيوعية، التي ترنحت تحت وطأته دول المعسكر الشّرقي في عصر هو الأسوأ بالنسبة لها. وقبل التفكك، كان انهيار سور برلين، أو الستار الحديدي، علامة كبرى ونهائية على انتهاء الحرب الباردة، تبعه تفكك دول الكتلة الشرقية دولة إثر أخرى. ومن ثم تحولت اقتصاديات الدول الشّرقية كلها للرأسمالية، وهو التحول الذي خلف من ورائه إنجازات علمية، وتطور تكنولوچي، وثورة معلوماتية. وأقامت جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشّرقية) هذا السور ليفصل بينها وبين ألمانياالغربية، أو بين الشرق والغرب، أو بين التخلف والتحضر، أو بين الشّيوعية والرأسمالية، وكان شاهدا على ذروة الحرب الباردة التي تلت الحرب العالمية الثانية. السور الذي أقيم في برلين ليقسمها في أغسطس 1961. وبعد التدهور الاقتصادي الضخم الذي عاناه الألمانيون الشرقيون والضغط الهائل الذي مارسوه على حكومتهم، الذي تمثل في خروج بمئات الآلاف في مظاهرات عارمة في لايبزيش وألمانياالشرقية كلها، مما أرغم حكومة ألمانيا الشّرقية على السماح للشرقيين بزيارة ألمانياالغربية لأول مرة بعد منع استمر قرابة 28 عاما، في 9 نو?مبر 1989. وقبل الانتهاء من بناء السور، الذي بلغ طوله 96 ميلا، والذي كان يحميه 300 مراقب مسلح، تمكن حوالي ثلاثة ملايين ونصف من الفرار إلى الغرب. أما في أثناء سنوات تقييد الحركة والانتقال بين الألمانيتين عبر مضيق الموت، فقد حاول قرابة خمسة آلاف ألماني العبور، مات منهم 136. وفي المجموع فقد مات 1200 مواطن ألماني طيلة فترة وجود السور. بينما ظل كثيرون يهربون عبر شق الأنفاق، والمناطيد المنزلية، والاختباء في السيارات المارة. إن هذه الليلة التي غيرت مجرى التاريخ كله، كان تأثيرها مثل تأثير (الدومينو) الذي فرط عقد كل الدول الاشتراكية في شرق أوروبا، واحدة تلو أخرى، في ستة أسابيع، وقد وصل ذروته إلى انهيار الاتحاد السو?يتي في 1991، وتوحيد الألمانيتين، في ألمانيا الاتحادية يوم الثالث من أكتوبر من عام 1991، وهو العيد القومي لألمانيا اليوم.