سيدتي المتسوقة.. إذا أردت الذهاب إلى أحد المراكز التجارية في جدة فاحذري، فالأمر لم يعد مغريا إلى الحد الذي يجعلك تتمخطرين بحقيبتك المليئة بكل ما هو ثمين أو كل ما هو ضروري كالهاتف النقال وبطاقات الائتمان. إذ تجوب هذه الأيام الأسواق، نساء يظهر عليهن الاحتشام والوقار، يتصيدن ضحاياهن عند نقاط المطاعم وماكينات الصرف الآلي، يستدرجن الصغيرات للإيقاع بالكبيرات، يتحركن في مجموعات ما بين الاثنتين إلى الست، يتمتعن بخفة في الحركة وقدرة على الاقتناص، تغريهن النساء اللاتي لديهن (لوثة) التسوق البطيء، المتنقلات بين المطاعم والمحال ببطء ورعونة. سيدتي المتسوقة.. كوني حذرة وتسوقي على عجل والتفتي يمنة ويسرة في كل دقيقة بل كل لحظة ف (العصابات النسائية) تسرق الكحل من العين. وللوقوف على ذلك تجولت «عكاظ» في أحد الأسواق الشهيرة في جدة، تقصينا الوضع وخرجنا بما حدث: لم يكن من المعتاد أن ندلف نحن معشر النساء إلى الأسواق وفي أذهاننا أن بنات جنسنا أكثر خطورة علينا من أصحاب الشوارب، كما أنه من المضني أن تستطلع امرأة حال أخرى خلف عباءة فضفاضة وغطاء وجه كامل وقفازات، فالمرأة كاشفة الوجه يسهل علينا تحديد ملامحها وتسجيل انفعالاتها، لكن ذات الخمار الأسود من أين لنا معرفة حركة عينيها المراوغتين؟، إنها مهمة صعبة بلا شك. تدخل المرأة إلى السوق وهي تشعر بأنها دخلت إلى عالمها الخاص، فكل شيء موجود وراق، المحال ذات العلامات التجارية حيث الموضة، المطاعم السريعة، آلات الصرف، مراكز ألعاب الأطفال؛ فتقضي الساعات بمفردها أو هي وأطفالها أو مع الصديقات، فالأمر إن لم يكن تبضعا فهو فسحة. لذا تختار المتمرسات في خطف الحقائب، الأسواق الراقية الفسيحة، مكانا مفضلا لممارسة عملهن الخطر. تروي لنا حارسة أمن في إحدى الأسواق في جدة واحدة من القصص: جلست على طاولة مطعم أم وابنتاها، قامت الأم نحو أحد المحال وتركت ابنتها التي تبلغ من العمر 15عاما مع أختها الصغرى، فأتت امرأتان ناعمتان إلى طاولتهن وأخذت إحداهن تحاور الكبرى وتطرح الأسئلة، وتمنيها بالزواج من ابنها، وبعد دقائق اختفين وحين عادت الأم صاحت في الابنة: أين حقيبتي؟، أدركت الفتاة الصغيرة حينها أن المنقبتين طارتا بحقيبة أمها. «إنها دقة في الاقتناص واللعب على أوتار العاطفة»، هكذا قالت حارسة الأمن للأم حينما لم تعثر على السارقتين في زحام المركز التجاري. سلاح الستر والوعظ الديني يستخدم بدناءة من قبل السارقات، يقول حارس أمن: كانت هنالك عصابة مكونة من ست سيدات يراقبن امرأتين أثناء قيامهن بسحب نقود من أحد أجهزة الصرف الآلي في الدور الأرضي، تبعنهما ناحية المصعد، فصعدت النساء الست مع الاثنتين وتولت أربع من العصابة مهمة النصح والإرشاد والوعظ الديني حول ضرورة عدم التبرج، في حين تولت الباقيتان مهمة خطف الحقائب، لتهرب الست مسرعات كل على حدة كي يصعبن من ملاحقتهن. «إنهن متمرسات ولا يبدو عليهن إنهن حديثات تجربة»، هكذا قال حارس الأمن. إزاء ذلك أكد سراج الفلالي مدير أحد المراكز التجارية في جدة أن العصابات النسائية توجد في معظم المراكز التجارية، الأمر الذي دفع إلى تكثيف المراقبة الأمنية في الآونة الأخيرة «العصابات النسائية أخلت بالأمن ونتلقى شكاوى كثيرة من نساء وقعن ضحايا لهن، لذا زرعنا أجهزة تصوير في جميع أجزاء المركز وضاعفنا من الحراسات الأمنية». من جانبه، أوضح الناطق الإعلامي لشرطة جدة العقيد مسفر الجعيد ل «عكاظ»: ظهرت عصابات نسائية في المراكز التجارية الكبيرة أكثر من مرة في مدينة جدة، وهن يترصدن ويترقبن النساء أثناء تجوالهن من أجل سرقة حقائبهن وهواتفهن ومجوهراتهن، وقبض على بعضهن عن طريق البحث الجنائي في شرطة محافظة جدة وتحويلهن إلى الادعاء العام، التي بدورها أحالت تلك العصابات إلى المحكمة من أجل إصدار الحكم عليهن». وعدد الناطق الإعلامي لشرطة محافظة جدة ما يجب فعله من احتياطات «يجب على الأسر المحافظة على المستلزمات الشخصية في المراكز التجارية، والحرص على مراقبة الأطفال في مراكز الترفيه، وعدم إلباس الصغيرات حليا ومجوهرات».