كنت قد أعددت مقالا وصل إلى صحيفتنا الغراء «عكاظ» بعنوان «اختصاص من؟» تحدثت فيه عن قضية الحكم الذي صدر بحق الصحفية روزانا اليامي من قبل محكمة جدة الجزئية تحت تهمة «المشاركة في إعداد وتنسيق الحلقات مع محطة ال.بي.سي غير المرخصة بالعمل في المملكة» لكن ما أن وصل المقال إلى ضفاف الصحيفة حتى أصدر خادم الحرمين الشريفين الأمر الكريم بإسقاط الحكم على الصحافية السعودية روزانا اليامي وصرف النظر عن دعوى المدعي العام وإحالة المعاملة لوزارة الإعلام كجهة اختصاص. وهنا يثبت خادم الحرمين الشريفين مرة بعد أخرى أنه ماض في طريق إصلاح الطريق والمنهج من أجل الوصول إلى إرساء دعائم دولة القانون والمؤسسات. إن هذا الأمر الملكي ليس مجرد تعاطف مع الصحافية المذكورة. كما أنه لم يصدر بصيغة العفو ذلك أن العفو يفترض وجود ذنب تم اقترافه في القضية المطروحة وهو ما لم يحصل بل أتى ليؤكد حقيقة أساسية هي أن هناك لكل قضية جهة اختصاص يجب أن تحترم ويجب أن يحال إليها اختصاصها وأن لا يتدخل غير صاحب الاختصاص في شؤون ليست من اختصاصه وذلك أولى مبادئ دولة القانون التي يدعم خادم الحرمين الشريفين قواعدها وآفاقها وهو ما يثلج الصدر ويبعث على التفاؤل ويضع الأمور في نصابها الصحيح. ما أراد خادم الحرمين الشريفين أن يوضحه بإسقاط هذا الحكم هو رسالة واضحة لكل من يريدون القفز على القوانين التي حددها النظام. فقضية محاكمة «المجاهر بالمعصية» ومن شاركه وحتى من أعدوا الحلقة أمر له علاقة بذنب اقترف بحق مجتمع محافظ يستنكر بالتأكيد المفاخرة والاعتزاز بارتكاب الرذيلة وهو بالطبع من اختصاص القضاء الشرعي. لكن أن يحاكم شخص ليس له علاقة البتة بالموضوع المطروح تحت حجة عدم الترخيص فذاك خارج اختصاص تلك المحاكم. تقول روزانا اليامي: «وجهت الهيئة (هيئة التحقيق والادعاء العام) ثلاث تهم بحقي ولكن القضاء أسقط اثنتين منها وبقيت الثالثة وكانت التهمة الأولى هي إعداد حلقة المجاهر بالمعصية والثانية الهروب من التحقيقات، أما التهمة التي بقي الحكم فيها فهي المشاركة في إعداد وتنسيق الحلقات مع محطة تلفزيون L.B.C غير المرخصة بالعمل في المملكة وعندما سئلت كيف أسقطت تهمة إعداد حلقة المجاهر بالمعصية عنك وأنت شاركت فيها؟ قالت: أنا لم أشارك فيها وأثبت ذلك شهادة المجاهر نفسه وقال للقاضي أنه لم يجتمع مع أي فتاة سعودية وتقدمت بدليل أن اسمي لم يظهر على «التتر» كما أن عقدي مع القناة لم يصل لمدة سنة بينما صورت الحلقة قبل عام واحد من بثها». (المدينة 24/10/2009). إذا واضح هنا أن الصحافية روزانا لم يكن لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد بقضية «المجاهر بالمعصية» والتهمة الثالثة مرتبطة بعملها الصحافي كمنسقة حلقات أما أمر الترخيص فلا أحد يتصور أن ذلك مسؤولية الصحافية بالطبع وبالتالي فإن التهمة الثالثة هي من اختصاص وزارة الإعلام ممثلة في «لجنة المخالفات الصحفية» هذا هو نظام هذا البلد الذي يجب احترامه وتطبيقه. وهنا لا بد من الإشادة أيضا بدور هيئة الصحفيين التي تعتبر نقابة مهمتها الدفاع عن الصحافيين فرغم التردد الذي ساد موقفها في البدء على اعتبار أن الصحافية روزانا اليامي ليست أحد أعضائها، إلا أن الأمين العام للهيئة الدكتور عبد الله الجحلان صرح للحياة أنه كان ينبغي مقاضاة الإعلامية السعودية روزانا اليامي المتهمة في قضية المجاهر بالمعصية أمام لجنة المخالفات الصحفية مشددا على ضرورة أن تنظر القضايا الخاصة بالإعلاميين أمام الجهة التي حدد النظام العرض عليها وهي لجنة المخالفات الصحفية معتبرا أن تجاوز هذه اللجنة يعد تجاوزا على أنظمة البلد والهيئة تتابع أي تجاوز أو عدم تطبيق للآليات ومقاضاة الصحافيين أمام اللجنة. (الحياة 26/10/2009). خادم الحرمين الشريفين بأمره هذا وبأوامر أخرى سابقة يريد أن يحسم هذه القضايا ليجعل الجميع يسيرون في الإطار القانوني والنظامي ونحن هنا لا يسعنا إلا أن نشارك الصحافية روزانا اليامي شكرها العميق لملك الإنسانية الذي أنصفها ورد للأنظمة اعتبارها. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 193 مسافة ثم الرسالة