وحزم الشهيد أمتعته وسل سيفه بيمينه، حاملا روحه على كفه الأخرى ليعلن حربه على أعداء العقيدة السمحة ويذود عن وطنه بحياته وانتمائه الصادق، وما هي إلا سويعات قليلة حتى رفرفت روحه كيمامة السلام البيضاء وارتفعت مخترقة أغوار السماء، صاعدة بشوق إلى عليين بإذن الله، فاستطاع بموقفه البطولي أن يخلد اسمه في تاريخ الوطن المجيد فقد ترك فلذات كبده، ووالديه، وترجل عن كل ماله، ليختار طريق الشهامة والشهادة ومجاورة الأنبياء والصديقين، قدم نفسه في سبيل الله فداء لهذا الوطن المعطاء إلى أن احتضنت الأرض جسده الطاهر وعطرت السماء بعبير روحه الصاعدة إلى الله تعالى، بعد أن اغتالته رصاصات النذالة والخيانة دون ذنب اقترفه سوى أنه كان للحق نصيرا. هكذا ترجم الشهيد الجندي أول / عامر بن أحمد الشويش العكاسي موقفه النبيل تجاه وطنه أثناء المواجهة الجبانة مع بعض الخونة في نقطة أمن الحمراء في منطقة جازان، فدفع روحه ثمنا وفداء لإفشال ما خططوه. ومع إيماني أن كلنا ذلك الرجل وأن «كل من عليها فان»، فإنني أقول إن هذا الشهيد البطل استطاع بكل شجاعة واقتدار أن يدون اسمه في صفحات التاريخ الوطني المجيد، وأن يضع صورته الشامخة في لوحة الشرفاء من أبناء الوطن، وترك بصمته مع الماجدين الأخيار، عندها سيبقى مهما رحل خالدا في ذاكرة الوطن وأبنائه، وفخرا وقدوة لكل شاب سعودي أحب وأخلص لبلده، ونموذجا مشرفا في تحمل المسؤولية وحمل الأمانة الكبيرة على عاتقه. لذلك يحق لوالده أن يشمر عن ساعديه وأن يمضي قدما في حياته وأن يعتز ويفخر بهذا الشهم الهمام. ويحق لوالدته أن تفخر وأن تمسح دمعها عن وجنتيها، فهي أم ليست ككل النساء استطاعت أن تنجب الرجل الشجاع والشهيد الشهم، قدمت ابنها للشهادة في سبيل الله فكانت نعم الأم وكان نعم الابن. أما أنت يا وطني فدمت سالما معافى فكلنا عامر وأرواحنا فداؤك أمام كل من يحاول العبث أو الإفساد، أجسادنا يا وطني دون رصاصة الغدر إليك، وأرواحنا سنهبها بشوق إليك. أما أبناؤك الشهداء فلهم الشهادة والرفعة في الدنيا والآخرة، وليبق الوطن عزيزا ما حيينا. رحمهم الله وأسكنهم جناته جنات النعيم، ودمت يا وطني معافى. عادل بن عبد الله آل عمر أبها