التصاريح المتعددة والمتكاثرة عن نقص أعداد القضاة في المملكة وأن ذلك هو السبب الرئيس في تراكم القضايا وتأخر البت والحكم فيها ليس دقيقا، ذلك أنه من خلال ممارستي اليومية لأداء القضاة، لا أعتقد أن المشكلة الكبرى في قلة أعداد القضاة وتراكم وكثرة القضايا بقدر من أن ثمة مشكلة في أداء القاضي اليومي وإدارته لمجلس القضاء ونظره في القضايا وانتهائه في البت والحكم فيها. ويظهر هذا جليا في أن الإحالات اليومية للقضاة في محكمة مثل الرياض أو جدة هو متماثل ومتشابه، فليس هناك أحد من القضاة يناله نصيب أكثر أو أوفر من القضايا عن زميله الآخر ما عدا من اقتضى ذلك، ممن كلفوا بأعمال مثل رئيس المحكمة والمساعد. لذلك فإننا عندما نقيس إنهاء القضايا من قبل بعض القضاة نلحظ البطء الشديد في الإنجاز والبت والحكم مع جاهزيتها وعدم ممارسة دور القاضي الحازم تجاه الخصوم ووكلائهم، مما يستدعي طول أمد القضايا وتأخرها. ولعلنا نكون صرحاء حين نشير إلى عدم التأهيل اللازم لعدد من القضاة، ويتمثل ذلك في ضعف الاستيعاب الضروري للقضاة تجاه النوازل العصرية مثل قضايا الأسهم والتمويل والعقارات وغير ذلك. مما يشاهد معه تكرار الجلسات التي لم يصل فيها القاضي إلى تصور دقيق لموضوع الدعوى. وبعض القضاة يتحرج ويأنف من طلب إيضاحات تجاه الدعوى أو الاستعانة بخبراء حتى في الجلسة، وليس المقصود الخبراء المتواجدين الآن والمعروفين ب«هيئة النظر» الذي نأمل من وزارة العدل أن يتم إعادة النظر في تعيين هؤلاء بحيث يكونون من أصحاب الخبرة في مجالاتهم. ومن هنا، فإني أرى أهمية وضرورة الاستعانة بأعضاء هيئة التدريس في الجامعات والتعليم العام وبعض المتقاعدين من الجهات الحكومية وإعداد مذكرات تفاهم مع جمعية المتقاعدين، بحيث يتم الاستفادة من تلك الخبرات المتراكمة لدى هؤلاء، إضافة إلى ما يحظون به في الغالب من مكانة اجتماعية جيدة يستطيعون من خلالها إبرام الصلح والقضاء على بعض النزاعات أثناء النظر وقبل الفصل القضائي في ذلك. إن إعادة النظر من جديد في حصر مهمة القاضي في القضاء فحسب، والعهد بالإجراءات الإدارية لمكتب القضائي إلى موظفين يملكون أهلية تامة ويريحون القاضي من تلك التواقيع على استلام المعاملات وصدورها، بل في التوقيع على المواعيد التي ما زال بعض القضاة يحتفظ بها لنفسه، سوف تعيد دور القاضي المهم والمتمثل في النظر القضائي للخصومات فحسب. إن كثيرا من أصحاب الخصومات والقضايا قد يستوعبون ويتقبلون منحهم وإعطاءهم موعدا بعد أربعة أو خمسة أشهر مع تأخره وثقله، إلا أن الذي لا يمكن هضمه أو قبوله أن يشاهد التخلف، وليس ثمة إجراء حازم أو حاسم متمثل في الإحضار بالقوة الجبرية وتفعيل الأحكام الغيابية وتطبيق المواد 55، 56 من نظام المرافعات الشرعية المتعلقة بغياب الخصوم أو أحدهم، أو أن القاضي يسارع إلى البحث عن تأجيل للجلسة لأدنى سبب مثل النظر في الوكالات التي ينبغي أن تكون من اختصاص أقسام الإحالات بحيث لا يتم قبول الدعوى وحضور الأطراف إلا بوكالة مكتملة تتضمن كافة الحقوق المطلوبة مثل الإقرار والإنكار وسماع اليمين وطلبها وغير ذلك، كما أنه يتعين في نظري التأكيد على المحامين ألا يقبلوا وكالة ناقصة، بل يجب أن تتضمن الوكالات الحقوق اللازمة وذلك اختصارا للوقت وحفظا لمواعيد النظر في الجلسات القضائية. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 253 مسافة ثم الرسالة