جسدت مجموعة من سيدات الأحساء معنى الإصرار والتحدي في رفض البطالة والفقر، ومثلن العصامية أفضل تمثيل من خلال العمل الشريف الذي يجنبهن السؤال والحاجة. وتمتهن بعض النساء في الأحساء مهنًا تقليدية استثمرن فيها طاقتهن وقدراتهن لمساعدة ازواجهن في الانفاق على الاسرة. فشمّرن عن سواعدهن وتوجهن إلى حقل العمل الشريف المحافظ على قيمهن وعاداتهن، فاستثمرن طاقاتهن وقدراتهن للإنفاق على أطفالهن، وتلبية احتياجاتهن، دون الحاجة إلى الآخرين. وتؤكد هذه الخطوة أن عمل المرأة في أي مهنة شريفة هو «مصدر أمان» -بعد الله- لحمايتها من الفقر، والبطالة، إلى جانب القدرة على المشاركة المجتمعية في التنمية المحلية، وتحفيز الإبداع وتحمل المسؤولية. “المدينة” سجلت هذه المشاهد لعدد من السيدات “العصاميات” داخل أحد الأسواق الشعبية الكثيرة المنشرة في الاحساء، ورصدت جوانب إنسانية واجتماعية تبعث على الاعتزاز بهؤلاء النسوة، كونهن أسهمن في توفير لقمة العيش الكريم لأبنائهن. صناعة الخوصيات حرفة اشتهرت بها الاحساء منذ القدم، وسبب ذلك كون هذه الصناعة قائمة في أساسها على استخدام أجزاء من النخلة والتي تحتضن منها الاحساء ما يربو على ثلاثة ملايين نخلة. (أم حسين) تمضي ساعات طويلة يوميًا وهي (تسفّ) أو تصنع بعض المصنوعات الخوصية لتبيعها في الأسواق أو في المهرجانات التي تشارك فيها لتعيل أسرتها الكبيرة، مشيرة إلى أنها تصنع العديد من الأدوات الخوصية مثل الزبيل، المهفة (المروحة اليدوية)، السفرة القرطلة، قبعة الشمس وبيعها. وكشفت أم حسين أن الرزق من عند الله؛ فالدخل جيد، وفيه بركة لانه من عمل أيدينا، إضافة إلى أنه من النخلة، كما أوصى بها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وكل ما في النخلة خير وبركة. وتقول (أم هاني): لنا سنوات طوال ونحن نعمل في هذه المهنة والحرفة اكتسبناها من آبائنا وأجدادنا، وتوارثناها، ونحن متمسكات بها لما فيها من خير وبركة، وبينت أن العمل شاق ومضنٍ، فالعمل في جريد النخل يتطلب الصبر ويأخذ من الوقت الكثير، إضافة إلى تعرضنا لبعض الآلام، ولكن كل ذلك يهون في سبيل تأمين لقمة العيش الكريم، والحمدلله أعمالنا مطلوبة، رغم أننا نعيش في عصر التقدم والتطور، إلا أن هناك أناسا لازالوا يقتنون هذه الأعمال ويضعونها في المتاحف، والبعض الآخر يعلم أبناءه تراث الآباء والأجداد، والبعض الآخر لازال يستخدمها في بيته،مثل: الحصير، والمهفة، والزبيل، والمرحلة، والقفص، وغيرها0 وتتدخل أم محمد قائلة: نحن نتنقل في الأسواق الشعبية مثل: سوق الجفر، سوق الخميس، القارة، وغيرها، في الصيف حيث الحرارة الشديدة والغبار والرياح العاتية، وفي الشتاء حيث البرودة والأمطار، ولكن هذا لا يعوقنا أو يعجزنا عن القيام بواجبنا وهو التبضع وطلب الرزق، وعن الدخل اليومي، قالت: الحمد لله على كل حال فكل ما نحصل عليه خير وبركة، ونشعر بطعم تعبنا، والأسعار تتفاوت من نوع إلى آخر، ومن موسم إلى الثاني، كما أننا نشارك في المعارض والمهرجانات، والحمد لله نلقى الثناء والترحيب على عملنا ومجهودنا.