كنت على سفر إلى «جدة» ليل أمس.. بعد أن قدمت تذكرة السفر للموظف.. قال: حجزك غير مؤكد! قلت: أكده من فضلك! قهقه ضاحكا بصوت عال يسخر مني وقال: ليه إنت واقفة تشترين بطاطس (لا أدري لماذا بطاطس وليس طماطم مثلا أو بصل).. عموما أزعجني تعليقه واستفزني.. قلت له: إذا أنت تحسب نفسك في سوق الخضراوات فأنا أعرف أني في المطار!.. لم يكن ينقصني توتر كان عندي منه فائض!!، من بين أضراسه رد : انتظري نشوف!! وانتظرت.. أعلنوا عن الرحلة وأنا انتظر!!، رجعت إليه بعد ساعة وقبل أن أبادره بالسؤال عن الإمكانية المتاحة لي في الرحلة القادمة كان وجهه يتقافز هاشا باشا مبتسما وفاتحا ذراعيه على الآخر.. حينئذ تأكدت أن هذه البشاشة والابتسامة العريضة لا تخصني، والتفت ورائي فإذا أحدهم يتقدم يتخطاني ويستقر في حضن الموظف ويتبادلان معا التحايا والقبلات! ضاربين عرض الحائط بانفلونزا الخنازير.. وينك يارجال! ياهلا ويا مرحبا.. كيف الحال.. ووصل الحديث إلى أن قال المتجاوز : والله إني أدور عليك أبغى مقعد في الطيارة اللي بتقلع ألحين إلى جدة.. قال له الموظف: أبشر!!! عندك حجز (كان دافع يوسوس لي ويقول قولي تبيعه بطاطس)!!! تعوذت من الشيطان الرجيم ولزمت الصمت إلى أن سمعت المتجاوز القادم يقول: عندي حجز بس غير مؤكد انتظار.. رد أخونا: ولا يهمك يصير خير!. ولم يمض نصف ساعة حتى كان الاثنان عند بوابة العبور.. وكنت أنا نسيا منسيا!! تلاحقت وتقدمت للموظف.. اصبر لو سمحت وش صار على سفري؟! رد بثقة: مافيه إمكانية.. انتظري!، قلت: وهذا لماذا يعبر؟!، رد وقد مصمص شفاهه: عنده حجز.. قلت: يقول غير مؤكد وقد سمعته.. لماذا هو حجزه تأكد وأنا قبله لم يتأكد!. مايثير الغيظ أن ترى من يأتي بعدك ويتجاوزك ثم يحييه الموظف المختص على فعلته ويستقبله بترحاب ويأخذه بالأحضان ويسير معه إلى أن يوصله إلى نقطة العبور.. لأن الأخ طلع معرفة!، بينما أنا صاحبة الحق الأحق أبلع الغصة وأسكت! هذا مجرد مثال. والمثال الآخر.. يأتي الموظف إلى مكتبه متأخرا والطابور واقف وجمع المراجعين ينتظر.. يجر رجليه جرا وكأنه مرغم على الدخول ويجلس متأففا مكشرا كأنه يرى وحوشا! وبعد ذلك يبدأ من حيث يريد لا أدوار ولا احترام للواقفين ولا أنظمة تتم مراعاتها تحفظ للمراجعين كرامتهم وحقوقهم! بل فلينتظروا وليحمدوا أنه وافق على خدمتهم!!.. في مكاتب الجوازات ومكاتب العمل تظهر صور عدم احترام أدب العمل العام والوظيفة العامة!، ويظهر بشكل واضح أن «المراجع» ماهو عندهم غير حجر وليس بشرا، حيث ينقلونه من مكان إلى مكان!!.. هل العيب في الأنظمة؟، بالطبع لا، إنما فيمن يفتقدون إلى ثقافة العمل العام، هذه الثقافة المفقودة بيننا والتي لا نلتفت إليها كضرورة حياتية من أجل مجتمع سليم. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة