إذا انتقلت شخصية اجتماعية أو إدارية إلى رحمة الله، فإن الحديث يبدأ بزخم كبير عن محاسن تلك الشخصية وما حققته في الحياة من خير وبر وتفاعل وتعامل بخلق حسن ومد يد العون بالمساعدة المادية أو المعنوية لمن يحتاجها من الناس وتواضع ولين جانب، إلى غير ذلك من الصفات الحميدة التي يبدأ الحديث عنها متزامنا مع رحيل تلك الشخصية عن هذه الدار الفانية. وقد كتب إخوة قبلي متمنين أن يكرم الذين يستحقون التكريم في حياتهم ليسمعوا ثناء الناس على أفعالهم وأخلاقهم بآذانهم وقت حياتهم فيكون ذلك حافزا لهم على المزيد من العطاء وتحفيزا لغيرهم على المشاركة في الإنتاج والعمل الجاد، ولست مكررا هنا ما كتب من قبل، ولكنني سأتطرق إلى نقطة تتصل بالأمر من جانب أكثر أهمية وتعلقا بالحياة والناس الأحياء وتؤكد فوائد الثناء على من يستحقه في حال حياته، وليس بعد وفاته، وتتضح هذه الفوائد في صور شتى ومن ذلك أنه إذا ذكرت شخصية من الشخصيات بعد وفاتها بأنها كانت خلال حياتها محبة للخير وأن فلانا كان يبذل شفاعاته الحسنة لدى المصالح الحكومية لقضاء حوائج من يحتاج إلى شفاعته فإن مثل هذا الحديث عن الجانب المضيء للراحل الفقيد يجعل من يسمعه يتمنى لو أنه قيل في حياة الفقيد حتى يستفيد السامع أو غيره من الشفاعات الحسنة التي كان يبذلها الراحل بسخاء لمن يعرف ولمن لا يعرف، أما وقد رحل فإن مثل هذه الاستفادة لم تعد ممكنة لأن صاحب الشفاعات الحسنة قد رحل ولن يعود إلى الحياة الدنيا مرة أخرى!. وكمثال آخر قريب من المثال الأول فإن المجتمع وإعلامه لو تحدثا عن شخصية راحلة كانت تساعد الناس والمرضى ماديا على العلاج أو على مواجهة تكاليف الحياة الصعبة، بما يبذله من ماله وزكواته وإحسانه، فإن المحتاجين إلى مساعدته ربما شعروا بالحسرة تداهمهم عندما يقرؤون عنه وعن بره لأنهم لم يعلموا عن ذلك كله إلا بعد أن فارق الحياة، قبل أن يدركوه وينالوا من عطاياه الجزيلة، وإذا كان الراحل موظفا عاما وذكرت خصاله في العمل ومرونته وبعده عن التعقيد مع التزامه بالحق والنظام فما نفع الحديث عن راحل ترك الوظيفة بل الدنيا ومن فيها.. ألم يكن من المستحسن أن يقال عنه في حياته ما قيل عنه بعد مماته حتى يكون قدوة لغيره. وقس على ذلك ما يقال من خصال أخرى عند رحيل شخصية عامة، فإن كانت تلك الصفات فيه فإن الحديث عنها في حياته أكمل وأجمل وأكثر نفعا للمجتمع، أما إن كان ما قيل مجرد عواطف جياشة ومبالغات، أو كان الهدف منه التزلف إلى ذوي الراحل فإن ما يقال عن بعض الراحلين لن ينفعهم أبدا!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة