توجه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس مؤسسة الفكر العربي للمشاركات والمشاركين في مؤتمر «حركة التأليف والنشر» بالقول: «تحت قبة هذا المؤتمر اليوم قضية مصيرية وطرح موضوعي وحوار شفاف لكل أبعادها بغية الوصول إلى حلول علمية تمكن أمتنا العربية من استعادة وعيها المعرفي، والتواصل مع آليات العصر، ولا شك أن الثقة معقودة على هذه القامات الفكرية السامقة الممثلة لكل عناصر القضية، وهي قادرة على إنجاز المهمة مهما تكن وعورة مسالكها». ولفت الأمير خالد الفيصل في افتتاح المؤتمر أمس في بيروت ورعاه الرئيس اللبناني ميشال سليمان ممثلا بوزير الثقافة تمام سلام، إلى «أن مؤسسة الفكر العربي حرصت على مشاركة لبنان عرسه الثقافي باعتماد «بيروت عاصمة عالمية للكتاب»، وذلك بتنظيم مؤتمر «حركة التأليف والنشر» في بيروت بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية تحت شعار «كتاب يصدر.. أمة تتقدم»، بالنظر إلى أهمية العنوان في صناعة المشروع النهضوي العربي المأمول حيث المعرفة هي الوسيلة المثلى للتطوير والتحديث». التدني المخيف وبارك الأمير خالد الفيصل لبيروت إعلانها عاصمة عالمية للكتاب هذا العام، وقال: «هو استحقاق أصيل لهذه المنارة الثقافية العربية كواحدة من أنشط المدن في مجالات صناعة الكتاب ونشره وتوزيعه، وتوفير فضاءات واسعة من الحرية في هذا الصدد». واستعاد رئيس مؤسسة الفكر العربي ما ورد في تقرير المؤسسة عن حالة الحراك الثقافي العربي عام 2008، فقال: «على مرجعية ما رصده التقرير من أرقام وتحليلات تؤكد حالة التدني المخيف الذي تشهده حركة التأليف والنشر على الساحة العربية، مما يتطلب النجدة لتدارك الوضع بفض الإشكالية بين المبدع والناشر والموزع، وعلاج ظاهرة العزوف عن القراءة، حيث أصبحت حصة ما يزيد على المائة ألف مواطن عربي نسخة واحدة من كل كتاب مطبوع، والتصدي للأمية الهجائية التي فاق معدلها 27 في المائة، والاهتمام بأدب الطفل وذوي الاحتياجات الخاصة إلى غير ذلك من وسائل علاج المشكلة». تقدم الأمة من جهته، لاحظ وزير الثقافة تمام سلام أن «حركة التأليف والنشر في العالم العربي عنوان كبير مع دور الكتاب في تحقيق تقدم الأمة». وقال سلام الذي ألقى كلمة الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان في حفل الافتتاح: «النهضة العربية لا تقوم إلا على أكتاف مواطنين متنورين، ملتزمين مسيرة التطور، ولا تنشط إلا في مناخ التنمية الثقافية الشاملة». وثمن الجهد المميز لمؤسسة الفكر العربي وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل على رفد تقرير التنمية الثقافية في العالم العربي بمؤتمر على هذا المستوى. ورأى أن التقرير «أفسح في المجال للانتقال من مرحلة الوصف والتشخيص إلى مرحلة النقد والاستشراف والتخطيط بوصفها الركيزة الأساسية لأي نهوض عربي مستقبلي. وإذا كانت التربية من أبرز المجالات التي تحتاج إلى تطوير لتحقيق البنية العلمية للمواطن العربي فإن الإنماء الثقافي والتفاعل الإنساني المتكافئ يحققان العملية التغيرية الدؤوبة والتقدم المنشود». معالجة جذرية وأشار سلام إلى «أن الواقع الثقافي العربي في إطار صناعة الكتاب ونشره وقراءته يحتاج إلى معالجة جذرية تتناول جميع المراحل والأطر والأساليب المعتمدة، وأن تقدم دور النشر والتوزيع والمكتبات والمعارض الثقافية العربية على مدى السنوات الماضية كان له دور بناء، ولكنه لا يكفي لإطلاق حركة نهضوية شاملة مرتكزة إلى قواعد إنسانية ثقافية راسخة». ولاحظ أن عملية التأليف قد تراجعت، ولم تستطع حركة النشر رفع مستوى القرائية إلى ما يشكل سلوكا طبيعيا لدى الإنسان العربي، وقال: «لن أدخل في تفاصيل الأرقام والمقارنة التي تكشف التباين بين ما كنا فيه وما أصبحنا عليه اليوم، ولكن مدى الخسارة يدفعنا إلى ضرورة أخذ العبر ودراسة الواقع ووضع الخطط للمعالجة مع إدراكنا المسبق بأن هذه العملية تحتاج إلى فترة زمنية طويلة لإعادة بناء عادة القراءة بصورة خاصة والبنية الثقافية العربية بصورة عامة». قارئ منتظم واعتبر الوزير سلام أن «التغيير السلوكي لتحويل الإنسان إلى قارئ منتظم هو من أصعب الأمور، لكنه ممكن إذا بذل الجميع جهودا، وإذا تعاون هؤلاء على تحويل القراءة من عقوبة ينفذها الأبناء على مضض إلى لذة يقبلون عليها بشغف»، مشيرا إلى أن «مشاريع النهضة العربية لا يمكنها أن تتسم بالجدية ما لم ترصد في خططها قيمة التغيير الذي يحمله الكتاب وحركة النشر، ولعل في نتائج أعمال مؤتمركم ما يقدم لنا جميعا المداخل لصياغة رؤى ونظريات تعبر عن واقعنا للحياة والمستقبل الذي نتمناه».