دعا المفكر الإسلامي الموريتاني محمد ولد المختار الشنقيطي الفقهاء إلى وضع معالم فقه خاص بتدين الجماهير يقوم على التيسير في الفتوى ويعتمد على التبشير الدعوي. وقال: إنه يجب حماية التدين الجماهيري من الضياع، قائلا إن نضوب ثقافة تدين الجماهير يعني فقدان آلاف المتدينين. وفرق الشنقيطي بين الدين والتدين مبينا أن الدين هو كل ما جاءنا من الله سبحانه وتعالى وبالتالي فهو كامل، أما التدين فهو سعي مستمر دائب ومتواصل إلى الله سبحانه وتعالى وليس فيه وصول كامل. وأضاف: «في التدين نسعى إلى تقريب المسافة بين المثال والواقع، وبين الأمر والتطبيق ولن يحصل التطابق أبدا، كما لا تنتهي المسيرة، وكل جهد بشري هو ناقص، والتدين سيظل ناقصا لأنه جهد بشري، مقارنة بالدين الذي هو وحي الله تعالى». وتابع: إن بشارة النبي صلى الله عليه وسلم بتعدد أبواب الجنة بشارة لأنماط المتدينين، فلعل الجنة تسع الجميع ولعل كل نمط يدخل من باب من أبوابه مادام الإسلام يشمل كل ذلك. وتعرض الأستاذ الشنقيطي لما أسماه التدين الشعبي، معتبرا أنه يتميز بعدة خصائص من بينها النزوع العاطفي، والروح التلقائية وعدم التكلف، وكذلك النزعة الاحتفالية المرحة، وطغيان الذوقيات على العقليات. وتحدث الشنقيطي في محاضرة له عن ضرورة التعامل الإيجابي مع تدين الجماهير قائلا إنه يحتاج إلى التيسير لا التعسير والاكتساب لا المغالبة، رافضا فقه الإكراه والتشهير والتكفير قائلا إنه «فقه يابس» على حد تعبير الإمام الذهبي رحمه الله، معتبرا أهم ملامح فقه الإكراه هو نقص العطف والعاطفة والتشدد، مستعرضا عبارة سفيان الثوري: «إنما الفقه الرخصة من الثقة أما التشديد فيحسنه كل أحد».