أكد خبراء متخصصون في الشؤون الاقتصادية والتدريب أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية كشفت عن مجموعة من الاختلالات الحادة في سوق العمل العربية التي تعاني أصلا من مشاكل هيكلية موروثة.. معتبرين أن الأثر السلبي على التشغيل يعد من أهم وأخطر الآثار السلبية التي خلفتها الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد العربي. وقالوا إنه وفقا للتقارير الرسمية فإن معدل البطالة شهد ارتفاعا مؤثرا خلال الفترة الماضية على كل المستويات رغم الجهود التي تبذلها عدد من الدول العربية لاسيما دول الخليج لتوفير فرص العمل، وأرجعوا الزيادة في معدلات البطالة إلى تراجع معدل نمو النشاط الاقتصادي وما ترتب عليه من تسريح العمالة الزائدة. تسريح العمالة وفي هذا السياق قالت د. نجلاء الأهواني نائبة المدير التنفيذي وكبيرة الاقتصاديين بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية إنه كان من الطبيعي بعد نحو خمسة عقود مضت غاب فيها التعامل مع قضية التشغيل من منظور اقتصادي كلي يضع هدف خلق فرص العمل المنتجة واللائقة والكافية أن يدخل الاقتصاد المصري عقد الألفية الثالثة وسوق العمل فيها تعاف من اختلالات عدة أهمها: عدم التوافق بين العرض والطلب من حيث الأعداد ومن حيث المهارات واختلال بين قطاعات التشغيل السلعية والخدمية لصالح الأخيرة والازدواجية الحادة بين نوعي التشغيل الرسمي وغير الرسمي. وتزايد الأخير ليبلغ حجمه حوالي 7.9 مليون وفقا لتعداد العام 2006 والاختلال النوعي بين تشغيل كل من الذكور والإناث وبين الأجور والإنتاجية، مع التواضع الشديد لإنتاجية المشتغلين والتي بلغت 3247 جنيها كمتوسط للاقتصاد القومي خلال الفترة 2003 2007. وأضافت أن الأزمة الاقتصادية العالمية أثرت على أوضاع التشغيل في مصر نتيجة لتراجع معدل نمو النشاط الاقتصادي وخاصة في القطاعات الأكثر كثافة في التشغيل وهي الصناعة والسياحة، بالإضافة إلى تواضع نمو قطاع التشييد والبناء.. موضحة أن الأزمة العالمية أدت أيضا إلى تسريح نسبة كبيرة من العمالة تراوحت بين 10 و20 في المائة من حجم عمالة المنشآت في المدن الصناعية الجديدة. كما أدت الأزمة إلى عودة أعداد كبيرة من المصريين العاملين في الخارج وهو ما كان واضحا في تراجع تحويلات العاملين في الخارج خلال الربع الثالث من العام المالي 2008/2009 بنسبة 15 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. الأعلى والأسوأ ومن جانبه أشار الخبير الاقتصادى المهندس فوزي ابراهيم هيكل إلى أن معدلات البطالة وحركة التشغيل في العالم العربي وفق ما أكدته منظمة العمل العربية هي الأعلى والأسوأ في العالم، وهي في طريقها إلى تجاوز كل الخطوط الحمراء، حيث تخطت حاجز ال14 في المائة، (17 مليون مواطن عربي)، من قوة العمل، و25 في المائة بين الشباب.. مشيرا إلى أن منظمة العمل العربية أطلقت قبل فترة قليلة في القاهرة تقريرا حول البطالة وسياسة التدريب والتنمية لاحظ في الوقت ذاته أن الدول العربية تستضيف أكثر من 12 مليون عامل أجنبي. وأوضح أن التقرير أشار إلى أمور أخرى لعل في مقدمتها أن معدلات البطالة بين الأميين هي الأدنى في غالبية البلدان العربية، وترتفع هذه المعدلات لذوي التعليم الثانوي والمتوسط والجامعي، لتبلغ عشرة أضعاف في مصر، وخمسة أضعاف في المغرب، وثلاثة أضعاف في الجزائر، ما يعني أن غير المتعلمين أكثر حظا في الشغل من المتعلمين في البلدان العربية. وأضاف أن ذلك يؤكد تدني التوافق والمواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل من جهة، ونقص الخدمات الداعمة للتشغيل من جهة أخرى، وهو ما يؤكد ضرورة تغير تلك السياسات المتعلقة بالتعليم والتدريب والتنمية الإدارية. ثورة إدارية أما الخبير الاقتصادي المستشار كمال أدهم المنسق الإعلامي للمنظمة العربية للتنمية الإدارية فرأى أن العالم العربى شهد خلال الفترة الماضية ثورة إدارية كبيرة على كل المستويات ولكن بالفعل هناك الكثير من الأمور التى يجب الالتزام بها في إطار استمرار سياسة التطور الإداري والعلمي والمعلومات لتبسيط خلق فرص العمل للشباب العربى وتحقيق التوازن الاجتماعي بين العمالة الوطنية والعمالة الوافدة والتي أثرت بالفعل على العمالة الوطنية، ولهذا أرى بالفعل أنه يجب إعادة النظر فى سياسة التدريب والتنمية الإدارية بما يتلاءم مع وضع أفضل للمرأة فى سوق العمل ومشاركتها فى تنفيذ خطط التنمية وتقديم منح تدريبية أكثر للشباب العربى ليكون قادرا على مواجهة التحديات بثبات وعزيمة.