من الإنجازات الكبيرة التي حققتها المملكة اقتصاديا وعالميا كانت مشاركتها في اجتماعات مجموعة العشرين الاقتصادية (القمة الأولى في نوفمبر 2008 في واشنطن والثانية في أبريل 2009م في لندن) كأول دولة خليجية وعربية في فترة تعتبر من الأصعب والأخطر بعدما ضربت الأزمة الاقتصادية معظم اقتصاديات دول العالم الكبيرة والصغيرة على السواء. ولتدارك آثار وتداعيات هذه الأزمة عزمت دول العالم على التوحد والتنسيق في ما بينها من خلال هذه المجموعة الجديدة التي تمثل أقوى اقتصادات العالم وأكثرها تأثيرا وكانت المملكة من ضمن هذه الدول التي اختيرت للمشاركة في هذه القمة المصيرية. ولا شك أن هذا الاختيار كان طبيعيا ومنطقيا نظرا لما تتمتع به المملكة من مكانة عالمية وتأثير في صيانة واستقرار الاقتصاد العالمي. فما هي دلالات هذه المشاركة ولماذا اختارت الدول الصناعية الكبرى المملكة ومن يقف وراء هذا الإنجاز العظيم الذي وضع المملكة في مصاف الدول العظمى؟ هذه التساؤلات وغيرها أجاب عنها عدد من المختصين والخبراء الذين أكدوا على الدور الفاعل للممكلة على مختلف الصعد معتبرين أن مشاركتها هذه هي من أبرز الإنجازات التي تحققت حتى الآن. دور فاعل ومؤثر بداية قال المستشار أحمد الحمدان إن هذه المشاركة تدل على مكانة المملكة الاقتصادية التي تعتبر من أكبر الاقتصاديات الفاعلة والمؤثرة في العالم، وهو ما أثبتته الأزمة المالية العالمية الأخيرة التي اجتاحت العالم ولم تؤثر على السوق السعودية في حين كانت آثارها كارثية على الكثير من الأسواق العالمية الأخرى .مشيرا إلى أن كل ذلك يعود إلى حكمة قيادتنا التي حيدت المملكة عن مخاطر هذه الأزمة وهذا مايعطي دلالة وانطباعا واضحين على مدى متانة الاقتصاد السعودي وتوجه الإدارة الحكيمة في تسيير هذا الاقتصاد معتبرا أن التنمية التي تشمل كل مناطق المملكة ومدنها وقراها في مختلف المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية لا تخفى على العالم الذي أصبح قرية كونية صغيرة. وأضاف أن كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز في القمة الأولى كانت مؤثرة ومركزة في سياق خطوات عملية لمواجهة الأزمة المالية، ارتكزت على ستة محاور رئيسة تتضمن تخطيط المملكة لبرنامج قوي للاستثمار للقطاعين الحكومي والنفطي ومواصلة جهود تحرير التجارة والاستثمار الدوليين، وتطوير الجهات والأنظمة الرقابية على القطاعات المالية، وتعزيز دور صندوق النقد الدولي في الرقابة على هذه القطاعات في الدول المتقدمة، والتنسيق مع الدول العربية لضمان تخفيف الآثار السلبية للأزمة المالية على المنطقة العربية، بالإضافة إلى العمل على استقرار سوق البترول الدولية والسعي لتفعيل الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي في الرياض، واستمرار المساهمة السخية من المملكة في مساعدة الدول النامية. واعتبر أن كل ما تقدم دعا لجنة بازل أن تطلب من المملكة المشاركة في عضوية اللجنة لتعزيز مهامها في ممارسات الرقابة العالمية ومعاييرها، مؤكدا أن هذه الدعوة لم تأت اعتباطا ولا مجاملة فالاقتصاد لا يعرف المجاملة، بل يسير وفق القاعدة المحاسبية واحد زائد واحد يساوي اثنين. رؤية المملكة لمواجهة الأزمة ومن جانبه قال المستشار محمد مصطفى بن صديق، إن رؤية ومقترحات المملكة لمواجهة تداعيات الأزمة المالية، تركزت على ضرورة إقرار العدالة في العلاقات القائمة بين الدول الصناعية الكبرى والدول الناشئة، فضلا عن وضع ضمانات للأخذ بمرئيات ومشاركة هذه الدول الناشئة في بناء أي أسس لإصلاح أو استقرار النظام الاقتصادي العالمي.. فالدول الناشئة موجودة ومؤثرة والاعتراف بها يعتبر بداية الطريق الحقيقي لاستقرار عالمي، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمواجهة آثار سلبية متسعة لأزمة مثل التي يمر بها العالم حاليا. وأشار إلى أن الرؤية السعودية تركزت على العدالة في المشاركة في الإصلاح والتحفيز، فكل دولة ينبغي أن تشارك حسب قوتها وثقلها الاقتصادي، وأيضا حسب تسببها أو تراكمات الأزمة فيها. أكثر من هذا، فإن الملك عبد الله بن عبد العزيز يعتبر أول قائد يلفت النظر إلى ضرورة إصلاح المؤسسات الدولية الاقتصادية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بحيث تأخذ دورها الفاعل المناط إليها في إقرار الاستقرار الدولي بعيدا عن التأثر بالنظرات من هنا أو هناك. وقال إن البيان الختامي لقمة لندن (القمة الاقتصادية الثانية) أكد بما يدع مجالا للشك على أهمية طروحات المملكة حيث تضمنت كل وجهات النظر السعودية لإصلاح النظام الاقتصادي العالمي، والتي من أبرزها إقرار أن بلدان الأسواق الناشئة والبلدان النامية، بما فيها أفقر البلدان، لا بد أن يكون لها صوت أكبر وتمثيل أكبر (في المؤسسات المالية الدولية)، ما يفتح الباب أمام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتعيين رؤسائهما وكبار الموظفين فيهما (من خلال إجراءات اختيار مفتوحة تقوم على الكفاءة)، لا أن تظل مناطق خاصة حكرا على أوروبا والولايات المتحدة. وختم بالقول :لعل هذا الإنجاز يعتبر من أبرز إنجازات الحكومة السعودية والذي يفتح الباب أمام الدول النامية في المشاركة والتواجد في مثل هذه المنتديات العالمية بما يحقق اتخاذ القرار العالمي بصبغة عالمية وليس صبغات آحادية أو سباعية.