قبل أن تأخذ المملكة العربية السعودية مكانها في مبنى الأممالمتحدة يوم 24 أكتوبر عام 1945 في اليوم نفسه الذي أصبح فيه ميثاق الأممالمتحدة نافذا بعد أن ُوقع عليه في سان فرانسيسكو يوم 26 يونيه 1945. قبل ذلك بأكثر من عشر سنوات نقل حجاج المغرب، على الرغم من وسائلهم المحدودة آنذاك، النص الكامل لخطاب الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله في وفود الحجاج رافعا شعار «من أجل توحيد الأمة الإسلامية». لقد كانت المصادر المغربية من أول الجهات التي اهتمت بخطاب العاهل السعودي برمته، ومنذ ذلك الوقت جرى الوقوف على تصورات المملكة إزاء المجموعة الدولية آنذاك، وكان ذلك في مكةالمكرمة مساء الخميس السادس من ذي الحجة 1352ه 22 مارس 1934م أثناء مأدبة العشاء التي أقامها الملك عبد العزيز تكريما للضيوف الذين كان على رأسهم الوفد الذي بعثه العاهل المغربي وقتها السلطان محمد بن يوسف. ويبدو أن هذه البعثة كانت إضافة إلى ماسبقها من بعثات تهدف إلى تأكيد الأواصر التي تربط المغرب بالحجاز عبر السنين والقرون، وخاصة بعد أن استتب قدم البطل الملك عبد العزيز آل سعود في عاصمة الرياض التي نهض منها يوم الجمعة متما ذي القعدة في موكب حيث وصل بعد أربع مراحل إلى العاصمة الحجازية: مكةالمكرمة. ولم يفت الملك عبد العزيز في ذلك الخطاب التاريخي المرتجل أن يشجب العدوان من أي كان على أي كان. كما لم يفته أن يقارن بين الوضع في النمسا التي تعرضت لحروب داخلية فوجدت من يخمد أنفاسها، وبين الوضع في الجزيرة العربية التي لم تجد من يقوم بمساعيه من أجل تقريب وجهات النظر بين قادتها. وتساءل رحمه الله مستغربا غفلة الأمة الإسلامية عن الاستفادة مما يجري حولها. من هذه المنطلقات البعيدة النظر خططت الدبلوماسية السعودية لسياستها وهي تستعد للإسهام في المجتمع الدولي. وهكذا فمن خلال استعراضنا للمواقف التي اتخذتها الخارجية السعودية ابتدءا من هذا التاريخ نجد أن المملكة ظلت تقاوم الظلم من أي كان مأتاه، وظلت تناصر قضايا الاستقلال والوحدة الوطنية للأمم التي كانت آنذاك ترزح تحت نير الاستعمار الأجنبي. ولم يكن غريبا أن يسمع العالم، لأول مرة، في 20 نوفمبر عام 1950 صدى عربيا من مبنى الأممالمتحدة في دورتها الخامسة التي انعقدت برئاسة الأمير التايلاندي فان ورثاياركون Van Wartayarkon ، فمنذ ذلك الوقت ظهرت مناصرة المملكة العربية السعودية جلية للقضية المغربية إلى جانب دول الجامعة العربية التي كان من رموزها في ذلك التاريخ اسم فاضل الجمالي ( العراق )، وجمال مكاوي ( لبنان )، وعدنان الترسيسي ( اليمن )، وأحمد الشقيري (سوريا )، وصلاح الدين باشا ( مصر ) ،ورشاد فرعون (المملكة العربية السعودية). وفي أثناء الدورة السادسة التي انعقدت في باريس في قصر شايو، وتحديدا في الجلسة التي انعقدت 26 نوفمبر 1951، تصدى لمهاجمة الاستعمار الفرنسي في عقر داره عدد من المندوبين العرب كانت المملكة العربية السعودية في مقدمتهم. هذه نماذج مقتضبة من تحرك الدبلوماسية السعودية من اجل استرجاع استقلال الدول التي ابتليت بالاستعمار الاجنبي، ومن اجل تعزيز الصف العربي ودعم دولة الحق والقانون.