عزاؤهم الوحيد في غربة الأهل والوطن خلال أيام وليالي التلاقي الأسري الرمضانية، أنهم ذهبوا شرقا وغربا طلبا للعلم. يستذكرون ليالي السهر والنقاش وركل الكرة مع أبناء الحارة، ومن ثم يبتسمون والتفرغ من جديد لدراستهم، وإن سمح بعض الوقت لا مانع من تجسيد مظاهر رمضان المقتبسة من عادات وطبائع «أهل الديرة». ويوضح الطالب المبتعث في ماليزيا عبدالله طالب بن محفوظ أن الأشواق تزداد حرارة مع حلول موسم رمضان، حين يتذكر طعام أمه، والصلاة مع أبيه، ولأنه معتاد على أداء صلاة التراويح في المسجد المكي الحرام خلال سنوات مضت، بحكم أنه من قاطني جدة، وهنا حنين روحاني لا ينتهي. ولكن بن محفوظ، الذي تخصص في دراسة هندسة الاتصالات في جامعة ملتيميديا في ماليزيا، يصبر هذا الحنين بمتابعة صلاة التراويح عبر شاشة التلفاز. ويقول: عندما كنا نشتاق للصلاة في المسجد الحرام ونحن في المملكة، كان الأمر بالنسبة لنا في غاية السهولة، لكن الآن نشاهد صلاة التراويح في الحرمين الشريفين وننظر إليها بشوق، ونتمنى أن نكون مع هذه الجموع الغفيرة من المسلمين. وحول إذا كانت هناك مظاهر رمضانية يحرص عليها كل موسم رمضاني لكن الغربة غيبتها هذا العام، يجيب بالقول: الشعور برمضان هو أكثر ما نفتقده، حيث لا يكون هناك تغير في نمط الحياة كما يحدث في وطننا. ويضيف: في المملكة تشعر بجو روحاني يشاركك فيه كل أفراد المجتمع، ولكن هنا لا، فمثلا لا يوجد التنافس السنوي في قراءة القرآن مع أصدقائي، ولا حتى في المواظبة على صلاة القيام (التهجد)، وأخيرا وليس آخرا افتقدنا أطباق رمضان. ولكن الطلبة المغتربين لم يستسلموا لهذا الوضع الجامد، بحسب عبدالله، فهم يحاولون صناعة المناخ الخاص بالأجواء الرمضانية في المملكة من خلال التجمع للإفطار سويا، والذهاب إلى صلاة التراويح مع الزملاء، ويختتم بن محفوظ قائلا: نحاول أن نجتمع في النادي السعودية في كوالالمبور لقضاء أمسيات رمضانية تذكرنا بليالي رمضان في مملكتنا الحبيبة.