أن تقرأ لمن تتفق معه فهذا أمر طبيعي، أما أن تقرأ لمن تختلف معه فهو قليل عند بعض العلماء والمفكرين، ومع هذا فإن المفكر الإسلامي محمد عمارة يوضح أنه يقرأ لمن يختلف معه في الفكر بما في ذلك حسب قوله الفكر المعتزلي والحديث، إضافة لكتب الحداثة والماركسية، مشيرا إلى أن التعدد والاختلاف من سنن الله في الكون، وأنهما سر الجمال في الوجود، لأن الفكر والكون لو كان على نمط واحد لأصبح كئيبا. مضيفا في حواره مع «عكاظ»: «اختلف مع الحداثة في فكرة إقامة القطيعة المعرفية والتاريخية ومع الموروث»، موضحا أن علينا عدم الخلط بين الحداثة والتجديد. عمارة طالب بأهمية وجود انتماء حضاري للمثقف العربي، مشيرا إلى أن هذا الانتماء لا يتحقق إلا من خلال الوعي بالتراث، كما شن هجوما على من اسماهم بالمستشرقين العرب. مشاريع فكرية • يقال إنك تهاجر إلى التراث دون قراءته برؤية حديثة توصله مع الحاضر؟ لا أفعل ذلك، ولكن استلهم هذا التراث، وهناك فرق بين أن تهاجر إلى التراث أو أن تثور عليه، أو أن تقوم بإحياء الصفحات المضيئة له. • هناك مفكرين معروفين لهم مشاريع فكرية مثل: محمد عابد الجابري، ومحمد أركون، وأدونيس، وعلي حرب، وسيد القمني، وخليل عبد الكريم، كيف يمكن تقييم أعمال هؤلاء؟ الجابري مفكر له وزنه وقيمته، ويملك انتماء حضاريا لا نجده عند آخرين، ولكن لي رأي في مشروعه الفكري، ومع ما فيه من أشياء جيدة إلا أن فيه ما يختلف حولها الكثيرون. أما محمد أركون فهو خادم للاستشراق الفرنسي ويدعو له ويتبناه، ويطبق حرفيا مقولات التنوير الغربي على اللاهوت الكنيسي، وينقل ما قاله فلاسفة الوضعية الغربية في العهد القديم والجديد، وينقل أفكار المستشرقين والمفكرين ومفاهيم الفكر الفرنسي إلى الثقافة العربية والإسلامية دون الاتكاء على وعي بالثقافة الإسلامية، ودون وازع إسلامي وقومي وعروبي. أنا لا أنكر على أركون وأودنيس أنهما باحثان ومفكران، ولكن الطريقة التي يدرسان من خلالها التراث تجعلني انتقد ما يصنعانه، فليس لهما انتماء حضاري، بل هما ينتميان للحضارة الغرب، وهذا ينطبق أيضا علي حرب وسيد القمني. أما خليل عبدالكريم فهو ممن يهدفون إلى معاداة كل ما هو إسلامي. ترشيد المد الإسلامي • هل صحيح ما يقال أنك أصبحت أصوليا؟ أنا مهتم بترشيد المد الإسلامي بفصائله المختلفة، وهذا الاهتمام يأتي من اهتمامي بالدور الفكري لهذا المد الإسلامي. واهتم أيضا بفكر الإخوان، وبالتيار السلفي. وأعجبتني مقولة ابن تيمية: «نحن لا نكفر أحدا من أهل القبلة»، وهناك دراسة لي بعنوان «رفع الملام عن شيخ الإسلام»، إضافة الى كتابي «مفاهيم العقل في الإسلام»، وجعلت نصف هذا الكتاب نصوصا، منها 26 صفحة لابن تيمية والأفغاني والشاطبي وابن رشد، وهي أيضا تكشف عن حقيقة هؤلاء العلماء من مقام العقل. • إذن، لماذا تغيبون عن التكريم على الرغم من إنجازاتك الفكرية على مدى سنوات طويلة؟ هناك شريحة من المفكرين والعلماء في العالم الإسلامي، لكنهم بعيدون عن الإعلام الذي لا يهتم إلا بما هو سطحي بعيدا عن الحقيقية، لأن السياسة تتدخل في اتجاهاته ولها اعتبارات ومواصفات في عملية التكريم. رجال وعيال •لماذا اختلفت مع من يمثل اليسار المصري؟ لأن في اليسار هناك رجال وهناك عيال، من الرجال: محمود أمين عالم، وعبد العظيم أنيس، وإسماعيل صبري عبد الله، وأنور عبد الملك وآخرون. ومع اختلافي مع الكثيرين.