لا يمكن تفسير ما صدر من الشيخ الدكتور عايض القرني بسهولة، ولن تجد مبررا لما قاله سوى أنها لحظة تتجلى فيها ثقافة الشخص وهل هو يؤمن بما يكتبه، أم هو يكتب ليحاول إقناع نفسه بالأفكار التي يود أن يؤمن بها لكنه لم يستطع؟ فقد شن الشيخ الدكتور حربا تضره أكثر مما هي تضر الكاتبين عبده خال وقينان الغامدي، إذ نشرت جريدة المدينة يوم الجمعة الماضية جزءا من حديثه لبرنامج قصة حياته، وكان قد أكد أن قينان وخال لا يستطيعان تقييم قصيدته لأنهما ليسا شاعرين، وأن أحدهما كاتب وآخر روائي ولا يحق لهما أن يقيما قصيدة. وأظن بهذا المنهج الذي يقدمه لنا القرني، يمكن لأي شخص أن يقمع رأي القرني قائلا: «إنك تفتي بالطب والاقتصاد وتتحدث بالسياسة وأنت لا يحق لك أن تتحدث بهذه الأمور». مع ملاحظة أن ما تكلم به الكاتبان مرتبط بالفن/ الشعر وليس علما، أي مرتبط بذائقة الإنسان، ومن حقك ألا ترى قصيدة ما أنها جميلة، بل من حقك أن ترى كل شعر أحد الشعراء ليس جميلا، ولا يحق للشاعر أو الكاتب أو الممثل أن يرفض من لا يرى عمله رائعا، فالذائقة تختلف من شخص لآخر، وما يحبه شخص ليس بالضرورة أن يحبه الآخر. وهذا ما أثار دهشتي، لأني توقعت من الدكتور القرني أن يؤكد على حرية الرأي، وأن هذا رأيهما ومن حق أي شخص ألا يرى القصيدة جميلة، ومن حق الآخر أن يراها جميلة، فهو كثيرا ما حاول في مقالته تعليمنا تقبل الآخر، والآخر هو شخص يخالفك الرأي والرؤية، لا شخص آخر يردد ما تقوله أنت. ما أثار دهشتي أكثر حين حاول التقليل من قيمتهما، فأحضر امرأة عجوزا نيجيرية إذ قال: «كيف ينتقدان القصيدة، ولو أحضرنا عجوزا نيجيرية تبيع الفصفص، لعرفت الشعر أفضل منهما». وما قاله القرني يمكن تفسيره للوهلة الأولى أنه تقليل من قيمة «الغامدي وخال»، وهذا صحيح، ولكن الصحيح أيضا أنه يحتقر العجوز النيجيرية بائعة الفصفص، لهذا استحضرها ليقلل من قيمة الكاتبين. وأظن لا يمكن لشخص يزعم بأنه داعية، فيما هو يحتقر البشر، فالداعية الذي يريد إصلاح الناس، عليه أن يملك قلبا كبيرا مملوءا بالحب للجميع، وألا يحتقر أي إنسان، وإن كانت بائعة فصفص أو بائعة هوى، أو مجرما أو ملحدا إلخ. فمهمة الداعية أن يعيد هؤلاء للخير، لا أن ينصح الخيرين الذين لا يحتاجون لنصائح، وليحدث هذا لا بد أن يشعروا بتعاطفه وحبه، ومن يحتقر بعض البشر بسبب عمله أو جنسيته، هو في النهاية إنسان لا يصلح لأن يكون داعية، وإن كتب قبل اسمه الداعية الشيخ الدكتور عايض القرني. تنويه: كاتب المقال يختلف مع «قينان وخال» ويرى أن قصيدة «لا إله إلا الله» جميلة، لكنه أي الكاتب يرى ما قاله القرني في حق الكاتبين وبائعة الفصفص قبيح جدا، وخصوصا أنه يقدم نفسه كداعية، وكاتب مقالات تدعو للتسامح وعدم احتقار البشر، فيما هو لم يستفد من ما يكتبه لنا. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة