عندما نصل إلى مطار أية دولة ترقبنا أنظار من نلتقيهم بشيء من الفضول الممزوج بالتأمل، تبدأ هذه النظرات من العاملين في خدمات المطار مرورا بموظفي الجوازات ثم الجمارك إلى أن ينتهي بنا المطاف ونحن خارجون من أروقة المطار باحثين عن وسيلة تقلنا إلى المكان الذي ننشده. خلال خط سيرنا هذا نلتقي أيضا عشرات المسافرين من جنسيات وحضارات مختلفة تقع أعينهم علينا مصادفة أو عن قصد. كل هؤلاء الأشخاص وهم ينظرون إلينا يرسمون في أذهانهم صورة أولية عنا كسعوديين من خلال تصرفاتنا وعباراتنا وما نحمل معنا وما نرتدي من ملابس. أسوق هذه المقدمة وأنا أستذكر صورة نشرتها صحيفة المدينة أخيرا ووضعت عنوانا لها (الشيشة أولا) وهي لمسافر سعودي يحمل في يده (شيشة) من النوع العدني الطويل ويقف على أحد كونترات الرحلات الدولية في مطار الملك عبد العزيز في جدة لإنهاء إجراءات سفره إلى وجهة لا أعلمها. تصورت هذا المسافر (ابن الوطن) وهو ينزل في أحد المطارات العربية أو الدولية متأبطا شيشته خوفا عليها من الكسر لو وضعت مع الحقائب الأخرى. ماذا سيقول عنا من يرى هذا المسافر؟ وما هي الصورة والانطباع الذي سيحمله عن بعض (السعوديين)؟ دعني أقارن هذا المسافر بآخر يحمل في يده كتابا يقرأ فيه كلما وقف في طابور أو جلس على كرسي انتظار. أو دعني أقارنه بمسافر ثان يحمل على كتفه جهاز حاسب آلي محمول يفتحه كلما سنحت له الفرصة لمراجعة بعض أعماله أو تصفح بريده الإلكتروني... بدون شك الفرق شاسع. هذا المسافر (حامل الشيشة) يجاهر بالإساءة لسمعة بلده ومواطنيه، والآخران يقدمان صورتين مشرقتين. شركات الطيران العاملة لدينا شريكة في المسؤولية وعليها أن تمارس نوعا من الرقابة الأدبية على هذا النوع من المسافرين، وتبين لهم خطأ مثل هذا التصرف، وتمنعهم إن لزم الأمر من القيام به حفاظا على سمعة المملكة ومكانتها بين الدول. لقد شاهدت مثالا لهذه الرقابة الأدبية عندما كنت أهم بالمغادرة في أحد مطاراتنا الداخلية حين منع رجال أمن المطار ابن أحد المسافرين من المغادرة لأنه كان يرتدي ملابس قصيرة، وبعد محاولات وخوفا من فوات الرحلة تم السماح له بعد أن أنزل لباسه قليلا ووصل إلى الحد المطلوب تقريبا. هذه القصة تؤكد أننا نستطيع أن نضع التنظيمات وننفذها بقوة في أي شأن له أهميته. علينا كمواطنين أن نقف في وجه كل من يحاول المجاهرة بالإساءة للمملكة أو شعبها، وعلينا كأجهزة رقابة وشركات طيران محلية أن نقوم بالدور المطلوب منا في هذا الشأن حفاظا على كيان هذا الوطن وسمعة مواطنيه... فهل نحن فاعلون؟. [email protected]