تفرغت في الأيام القليلة الماضية لقراءة أسماء من يجلبون لنا أخبار وتحليلات ما وراء الإرهاب، هم صحافيون بعقول منفتحة وأقلام بيضاء، جيوبهم العلوية ممتلئة بقصاصات الأوراق والأقلام ومبتلة بالعرق المتساقط من جباههم، أسماؤهم تشع قوة فوق موادهم المنشورة في كل صحف وطني، أطيافهم من هنا وهناك، وقبائلهم بكل حروف الهجاء، ومن كل الجهات، لا أحد يعرف سيماء وجوهم، لكن الأكيد، وأنا وأنتم نقرأهم، أنها تبعث على الطمأنينة وهم يبثون أخبارا وحقائق تسحبنا إلى القناعة والاطمئنان والسلام، هم صحافيون يفككون القنابل، يشرّحون جسد الإرهاب، ويتتبعون كل أوردة وشرايين الدم التي تغذيه، اغفروا لي عجزي عن وصفهم، لذا سأكتفي بتأملهم، و «شكرا لهم». خرجت الأسبوع الماضي من مبنى صحيفة عكاظ زائرا موجوعا ومبتهجا بعد يوم من محاولة اغتيال محمد بن نايف، موجوعا لذلك الكم من الأخبار التي قرأت فيها تفاصيل انحراف الفكر بأقصى درجاته، ومبتهجا فرحا بأولئك السعوديين المواطنين وهم يسابقون الوقت بسحب أكبر كم من المعلومة إلى صفحات الصحيفة، ليقرأ ابن جهات الوطن عن فشل الإرهاب في بلدي، الوضع هناك هو صورة مماثلة لما جرى ذلك اليوم في كل مراكز الصحف: عيون لم تنم، جفون أرهقها تعب القراءة والتدقيق، أصوات بحت من الصراخ، وأقدام تيبست من الوقوف، هذا يتابع مع مراسل من الرياض ليأتيه بمعلومة من سطر يستطيع أن يطمئن بها المواطن في الصباح، وذاك ينتظر اتصالا يقوده إلى حوار من إرهابي سابق ليكشف عن أفكار الإرهاب عندما تنخر عقول الوطن، والآخر يفرز آلافا من ردود أفعال المواطنين القراء لينتقي الفكرة الأقوى، الوضع باختصار يشبه خلية النحل: الفرق أن التي بيننا تطارد وتلاحق بالفكرة والخبر والصورة خلايا الإرهاب في وطني وخارجه. يفكك الصحافي في وطني القنبلة، ويقيس أبعاد الأضرار لو أنها انفجرت، الفرق بينه وبين رجل الأمن يكمن في التعامل مع مكنونها: الأولى أفكار ملغمة، والثانية مواد متفجرة، ينام الصحافي الذي قرأنا اسمه بالأمس ونقرأه اليوم وغدا، بعد أن يستيقظ الناس، يحسب ساعاته بالمعلومة والخبر، فالوقت لا يرحمه إذا أزف وهو لم يستكمل مادته الصحفية التي يتوقعها منه المواطن غدا. في نظر البعض: مجنون هذا الصحافي الذي ينشر اسمه على صدر الإعلام محاربا للإرهاب، لكنه في نظر الوطن كله: محظوظ لأنه يقف في الصف الأول بصدره وعقله وقلمه، شكرا مرة أخرى لمن نقل الصورة وشاهدناها تطهر قلب كل مشكك في النوايا، شكرا لمن كتب لنا الكلمة بجوار الفعل الشنيع، فكانت أقوى الكلمات، شكرا لمن فضح التفكير الملغم، وعرى الوجوه الكاذبة، واقنع القلوب المترددة، شكرا لمن فكك القنبلة. !!Article.extended.picture_caption!! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز مسافة ثم الرسالة