إن ما اطلعت عليه من معلومات وإحصاءات تؤلم بل تزعج وتقلق ولا تملك حيالها إلا أن تحوقل وتبسمل وتدعو الله بملء فمك أن يبعد عنا هذه المخاوف ويجنبنا تلك المزالق والانحرافات وأن يبقي أسرنا متماسكة متحابة بعيدة عن الشقاق والنزاع والتفكك والتباعد الذي يسبب لنا التباعد والبغضاء مما يفرق أفراد الأسرة الواحدة ويباعد بينهم ويشجع على الانحرافات ويكثر من المشكلات التي تبدأ بازدياد حالات الطلاق، حيث تبين إحصاءات وزارة العمل لعام 1426ه أن عدد حالات الطلاق في المملكة بلغ 86.224 حالة مقابل 119.294 حالة زواج تمت في العام نفسه. وبسبب الاضطرابات الأسرية التي تعد من أهم المشكلات التي تواجه المجتمع أصبحت نسبة الطلاق إلى الزواج تقترب من 21 في المائة، أي أن هناك 2071 حالة طلاق تتم في الشهر الواحد، وهناك 69 حالة طلاق تتم في اليوم، وهناك ثلاث حالات طلاق تتم في كل ساعة في المملكة. هكذا تقول الدكتورة نورة إبراهيم الصويان في دراسة ميدانية أجرتها في مدينة الرياض ضمن دراسة مقدمة إلى قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لنيل درجة الدكتوراه بعنوان: (اضطرابات الوسط الأسري وعلاقتها بانحراف الفتيات في المجتمع السعودي) في العام الجامعي 1430ه/2009م، وقد أشرف على الرسالة الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد العزيز اليوسف أستاذ علم الاجتماع الذي عين أخيرا وكيلا لوزارة الشؤون الاجتماعية. لقد تلقيت نسخة من هذه الرسالة المهمة مهداة من صاحبتها بواسطة الصديق الأستاذ حمود الربيعة زوجها وأحد من أهديت لهم رسالة. لقد بذلت الدكتورة جهدا كبيرا مشكورا في جمع وتصنيف وتدقيق هذه المعلومات المهمة، وهي في عملها هذا تدق أجراس الخطر وتنبه المجتمع إلى أن هذا الوضع المزري لن يكون في صالحه في المستقبل القريب، فقد ذكرت أن دراسة الأنصاري تقول: إن متوسط الطلاق في دول الخليج العربي يصل إلى 35 في المائة مشيرا إلى أن السعودية تأتي في المرتبة الأولى في دول الخليج حيث تبلغ نسبة الطلاق فيها 45 في المائة، تليها الإمارات 40 في المائة، ثم الكويت 35 في المائة. وتؤكد الدراسات أن ضحايا التفكك الأسري هم أفراد تلك الأسرة المتفككة، والآثار الأكثر خطورة هي تلك المترتبة على أبناء الأسرة المتفككة، خصوصا إن كانوا صغار السن. كما قد يؤدي التفكك الأسري في بعض الأحيان إلى تهيئة الظروف لانحراف أفراد الأسرة، خصوصا الأبناء من الجنسين. وقالت الدكتورة الصويان في مقدمة دراستها المميزة: (وقد ارتفعت نسبة الانحرافات التي ترتكبها الفتيات في المجتمع السعودي، وتنوعت صورها من هروب ومحاولات انتحار وانحرافات أخلاقية وغيرها، وقد أشارت إحصاءات رسمية صادرة من وزارة الداخلية إلى أن هناك أكثر من 850 حالة هروب للفتيات مسجلة لديها، تمثل نسبة الفتيات دون الرابعة عشرة من العمر فيها 50 في المائة في عام 1425ه، في حين أشارت إحصاءات سنة 1426ه إلى 1334 حالة هروب.. كما أشارت سهيلة زين العابدين إلى أن 30 في المائة من مجمل القضايا التي تتلقاها جمعية حقوق الإنسان هي قضايا أسرية بالدرجة الأولى، يكون العنف الموجه للمرأة فيها العامل المشترك، وأن سوء الظروف الأسرية التي تعيش فيها الفتاة من أهم أسباب هروب الفتيات، وذلك بناء على الحالات التي تلقتها الجمعية سنة 1428ه. كما كشفت إحصائية صادرة عن إدارة التخطيط والإحصاء في وزارة الداخلية عن زيادة في نسبة حالات الانتحار، أو محاولة الانتحار، في المملكة خلال الفترة من 1994-2006م وهي السنة التي سجلت فيها 261 حالة انتحار بنسبة 185 في المائة محققة زيادة بمقدار الضعف في هذه السنة مقارنة بسنة الأساس 1994م، وبلغ عدد محاولات الانتحار خلال الفترة نفسها 370 حالة بنسبة 649 في المائة لسنة 2006م مسجلة ارتفاعا وصل إلى خمسة أضعاف مقارنة بسنة الأساس.. وأن الدراسة الميدانية التي طبقت في مدينة الرياض قد كشفت نتائجها أن نسبة 22 في المائة من المبحوثين ينتمون إلى الفئة العمرية من 20 إلى أقل من 24 سنة، و22 في المائة منهم تبلغ أعمارهم ما بين 24 سنة و29 سنة، أي أن أكثر من نصف عدد المبحوثين هم من الشباب. وقالت: إن تقريرا صادرا عن وزارة الشؤون الاجتماعية في عام 1429ه قد كشف أن 1180 فتاة انحرفت عن الصواب، ووقعت في مأزق الدعارة وترويج المخدرات.. وقد أكدت الدراسات تأثير التفكك الأسري والاضطرابات الأسرية في انحراف الأبناء، فقد كشفت دراسة (السيف) عن اضطراب وخلل في المناخ الأسري عند البنات غير المتزوجات، وتوصل إلى أن هناك 50 في المائة من البنات المحكوم عليهن بالسجن لارتكابهن أفعالا جنائية محرمة يشعرن بالحرمان العاطفي الأسري من الوالدين وبسبب سلوك أشقائهن الذكور. وقد كان من مبررات اختيار الدكتورة لهذا الموضوع قلة الدراسات التي تناولت موضوع انحراف الفتيات، مما شجعها كونها امرأة ومن السهل عليها مقابلة المبحوثات ودراسة حالتهن والتعرف إلى شخصياتهن عن قرب، ومحاولة فهمها، مما يساعد في الوصول إلى نتائج تكون أكثر دقة، وبالتالي الخروج بتوصيات مهمة بناء عليها. كما بينت الدكتورة الصويان أن من مفاهيم الدراسة تعريف الاضطرابات الأسرية التي يسود فيها سوء التفاهم المستمر، والشجار الدائم بين الأب والأم، أو بين الوالدين والأبناء، مما يشيع جوا مشحونا بالاضطراب، والمشاحنات، والعداوة بين أفراد الأسرة الواحدة، وهذه الاضطرابات الأسرية لها الأثر السلبي ذاته في بناء شخصية الطفل وتكوينها. ومن أهم العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية: الأسرة، الثقافة، المدرسة، جماعة الرفاق، وسائل الإعلام، دور العبادة، والأسرة هي أكثر العوامل أهمية بكل أبعادها، وذلك من منطلق أن دورها هو الأساس في تنشئة الطفل اجتماعيا وإبعاده عن طريق الانحراف. كما تطرقت إلى تعريفات للأسرة، والانحراف، وقسمت الدراسة إلى خمسة فصول ومقدمة وفهارس وجداول، فقد خصصت الفصل الأول: لموضوع الدراسة، والفصل الثاني: الإطار النظري للدراسة، والفصل الثالث: الإجراءات المنهجية للدراسة، والفصل الرابع: نتائج الدراسة الميدانية، والفصل الخامس: مناقشة النتائج العامة للدراسة وتوصياتها، ثم المراجع والملاحق.. لقد أحسنت الدكتورة نورة الصويان في طرحها لهذا الموضوع الدقيق والشائك والمهم.. فهي تقرع الأجراس بعملها هذا منذرة بخطورة الحال وتدعو المجتمع بكل فئاته إلى الوقوف الجاد والحاسم لمعالجة هذه المشكلة ودراسة أسبابها ووضع الحلول الناجعة لتدارك ما يمكن تداركه قبل أن يجرفنا التيار، وإذا فات الفوت ما ينفع الصوت. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة