تطرقت الباحثة نورة الصويان في دراسة حديثة إلى علاقة «انحراف الفتيات» ب «اضطرابات الوسط الأسري»، وذلك عبر طبيعة العلاقات الأسرية السائدة في الأسرة السعودية في مدينة الرياض وتركز الصويان في دراستها على أنماط هذه الانحرافات وأسبابها، والأساليب التي يمكن من خلالها مواجهة هذا الانحراف. وتشير الصويان في الفصل الأول من الدراسة إلى مبرراتها لاختيار موضوع البحث، وأهمية الدراسة وأهدافها، وتناولت في الفصل الثاني ثلاثة مباحث نظرية، الأول: عوامل اضطراب الوسط الأسري وتأثيره على انحراف الفتيات، ويتمثل هذا التأثير في حجم انحراف الفتيات، الثاني: علاقة انحراف الفتيات ب «التفكك الأسري، التنشئة الأسرية، العنف الأسري، الحرمان العاطفي والفقر»، وعرضت في المبحث الثالث النظريات المفسرة للانحراف والمرتبطة بموضوع الدراسة. وشملت الدراسة عينة بلغ عددها 112 فتاة من المودعات بدار الرعاية، وحدد منهن 11 فتاة لإجراء دراسة حالة عليهن، وتم اختيار عينة أخرى بلغ عددها 496 فتاة من طالبات المدارس المتوسطة والثانوية والجامعية. وأكدت الدراسة على تعدد اضطرابات الوسط الأسري، وضعف التماسك الأسري في مواجهة الانحراف لدى الفتيات، في عينة فتيات دار الرعاية تحديداً، وتمثلت أشكال ضعف التماسك الأسري في مظاهر عدة منها: عدم قضاء وقت ترفيه لأفراد الأسرة مع بعضهم البعض، عدم وجود أي مشاركة اجتماعية أو اقتصادية بين الوالدين والأبناء، وعدم اتسام العلاقات بين أفراد الأسرة بالترابط والتسامح، وغياب بوادر حرص أفراد الأسرة على بعضهم البعض، وانعدام أي مؤشرات دالة على حرص الوالدين على تقوية العلاقات بين الأخوة. وأكدت الدراسة على تأثير ضعف الالتزام والفهم الصحيح للدين على انحراف الفتيات، كما أوضحت أن «وجود المنازعات الأسرية التي تتمثل في الشتم والتهديد بالطلاق والمنازعات باليد بين الوالدين، تزيد من حال التوتر والقلق والشعور لدى الفتيات بانهيار الأسرة وانعدام الحب والأمان والاستقرار»، كما أكدت الدراسة على تأثير الأوضاع الاقتصادية غير السوية على انحراف الفتيات، على سبيل المثال: انفراد الأم بمسؤولية الصرف على الأسرة، وتزايد الطلبات والعجز عن توفير متطلبات الأفراد مادياً. ولم تُغفل الدراسة مستوى الرعاية الأسرية المقدمة وانعدام الاحترام داخل الأسرة وإهمال تلبية حاجات الفتيات، وعدم المتابعة الدراسية، وانعدام الخصوصية لكل فرد فيها، وعدم وجود ضوابط للإرشاد والمناقشة عند خطأ الفتاة. وركزت الدراسة على عامل القسوة في معاملة الفتيات، وتفضيل الأولاد الذكور على البنات، وتعامل الأخوة بعنف مع الفتاة، ومعاقبتها بالضرب والقسوة والشتم، بكونها من أبرز أسباب انحراف الفتيات، كما أكدت الدراسة على تأثير الهجر والإهمال في انحراف الفتيات، وابتعاد الوالدين عن أساليب الرقابة على الأبناء نتيجة السفر أو انشغال الأب بزوجة أخرى وتغيب الأم عن المنزل، وأشارت الدراسة أيضاً إلى خطورة ممارسة الوالدين لأساليب التسلط التام في المعاملة مثل: عدم احترام الوالدين لحق أبنائهم وبناتهم في اختيار الزواج أو الدراسة أو تبادل الزيارات بين الصديقات، وعدم السماح للفتيات بممارسة هواياتهن المفضلة. وخرجت الدراسة بالكثير من التوصيات، من أهمها ضرورة إنشاء مراكز للتوجيه والإرشاد على مستوى الأحياء بجميع المدن السعودية، والعمل على توفير خدمات الترفيه والتثقيف في الحدائق والمكتبات العامة والنوادي داخل الأحياء، وأكدت على تفعيل دور المرشدة الطلابية في المدرسة، وتكثيف البرامج الوقائية وبرامج بناء القدرات والتشجيع على تأسيس مؤسسات مجتمع مدني تهتم بشريحة الشباب وتزويدهم بالمهارات الحياتية المختلفة، وإلزامية التحاق الشباب من الجنسين بدورات تأهيلية لمرحلة ما قبل الزواج، وسن التشريعات القانونية للحد من زواج القاصرات، وخلق برامج رعائية للأبناء المنحدرين من أسر مفككة اجتماعياً، وسن تشريعات تتيح التدخل للمؤسسات الاجتماعية في حال ثبت إهمال وحرمان الفتاة من حقوقها الاجتماعية.