هناك نماذج من أفراد المجتمع يتسمون بصفات يعتقدون أنها رجولية، وينتهجون سلوكا يظنون أنه سليم، ويلتزمون بأخلاق يقولون عنها حميدة. لكن الحقيقة أن عددا من صفاتهم إنما هي بدائية، وسلوكهم غالبه مرضي، وتصرفاتهم ما هي إلا اضطراب في السلوك والمزاج ينم عن مشاكل نفسية لا تخفى على العقلاء. وقد ترجع أسباب ارتباك إدراكهم إلى سوء تربية تعرضوا له منذ الصغر، أو أمراض عقلية موروثة أو مكتسبة، أو مشكلات تتعلق بالشخصية والإدراك أثرت سلبا على تواصلهم الاجتماعي وطريقة استجابتهم للأحداث مع من حولهم، وجعلتهم غير قادرين على التكيف السليم مع المتغيرات الفكرية والتقنية والاجتماعية. وبغض النظر عن الأسباب والعوامل التي أدت إلى ظهور هذه الفئة، فمن الملاحظ أن أفرادها ليسوا قلة، وأن كثيرا من الناس مضطر إلى التعامل معهم بصفة يومية، بل إن أحدهم قد يكون في منصب مسؤول أو مدير يسيء بسبب اضطراب شخصيته استخدام منصبه، ويحمل موظفي إدارته مالا يطيقون، نتيجة تقلب مزاجه، وغريب تصرفاته، وهوسه بالتحكم، أوقد يكون سائق سيارة يعرض غيره إلى خطر الحوادث القاتلة بسبب عجزه العقلي عن إدراك تبعات تهوره وسرعته الجنونية، أو يكون زوجا مصابا بجنون الارتياب يمارس أنواع التعنيف، أو زوجة هاجسها الغيرة المرضية، أو مغاليا في دينه، معتقدا صلاحه دون غيره، مصابا بجنون العظمة، متهما إخوانه بالتقصير إلى غير ذلك من الأمثلة المؤلمة. والأدهى غياب آلية اجتماعية تربوية أو طبية، تشخص اضطرابات هؤلاء السلوكية وتعالج مشكلاتهم التربوية، وتقيهم وغيرهم سوء تصرفاتهم العدوانية. فالمشكلة مرتبطة بإهمال أسباب التربية السليمة، والتعلم الدراسي القويم، وتشخيص بوادر الانحراف السلوكي والعقلي لدى بعض الأطفال والمراهقين، قبل أن يصبحوا بالغين غير ناضجين يخذلون مجتمعهم ويعتدون على مقوماته، ويفشلون في بناء أسرهم. وفي ظل قصور الرقابة الأسرية، وقلة احترام الأنظمة والقوانين، وتسارع وتيرة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، أهيب بأصحاب الفكر وعلماء الاجتماع والنفس والاقتصاد واستشاريي الأسرة وعلماء الشريعة واختصاصيي التربية أن يسارعوا إلى إيجاد حلول وإرشادات للتخفيف من وطأة انتشار اضطرابات السلوك الفردي والعام، قبل تحولها إلى مشكلة أكبر تفتك بالأجيال القادمة. استشاري الأمراض الباطنية والصدرية واضطرابات النوم [email protected]