لا تخش إن دخل عليك وقت الإفطار وأنت في سيارتك؛ لأنك سترى شبابا ينتشرون في الشوارع ويوزعون وجبات الإفطار بابتسامة أخاذة.. فما سر تلك الابتسامة؟ وما لذي دفع تلك المجموعات الكبيرة من الشباب لترك موائد إفطارهم؟ «الدين والحياة» حضرت مع شباب جدة وشاركتهم تلك المناسبة، فإلى التفاصيل: تحمس الشباب فالشاب معاذ بادحدح يرى أن هناك أسبابا عديدة وراء تحمس الشباب لتفطير الصائمين في الشوارع والطرقات وعند إشارات المرور في هذا الشهر الكريم، من أهمها تزامن رمضان مع الإجازة الصيفية، ووجود متسع من أوقات الفراغ، إضافة للبحث عن أعمال الخير والقربات في هذه الأيام، خصوصا أن ديننا الحنيف يحضّ على ذلك في كل الأوقات، فما بالك في شهر الطاعات، وأضاف: الكثيرون من الشباب يريدون أن يشعروا بقيمة الوقت وقيمة الإنجاز وقيمة أنفسهم، يريدون أن يثبتوا لغيرهم أنهم قادرون على فعل الأشياء التي تقربهم من دينهم وفيها طاعة لربهم عز وجل، لا شك أنهم يحسون بمتعة حقيقية عندما يقدمون الوجبات للمارين في الشوارع ولقائدي المركبات عند إشارات المرور، هذا العمل الجليل يدخل السرور في أنفسهم وفي نفوس غيرهم. وجبات بسيطة وأشار إلى بساطة الوجبات التي توزع على المارة قائلا: عادة ما تكون الوجبات المقدمة لهم بسيطة في محتواها فهي عبارة عن عصير وماء وتمر وبعض من المعجنات، مبينا في الوقت ذاته أن ليس هناك تمييز في نوع الوجبات بحسب المناطق، فالوجبات التي توزع في الأحياء الراقية هي نفسها التي توزع في الأحياء التي يقطنها ذوو الدخل المحدود حتى إن اختلفت طرق التغليف. وأضاف: مهمة توزيع الوجبات ليست سهلة فهي تحتاج إلى دعم وتنظيم وإلى اختيار الأماكن المناسبة مع مراعاة عدم تكدس الشباب في إشارات مرورية بعينها. كرم سعودي ويؤكد الكابتن محمد صالح على أهمية تضافر الجهود ومشاركة المجتمع بأكمله في مثل هذه النشاطات الخيرة، لافتا إلى أن سبب اتجاه فريقه الرياضي إلى هذا المشروع هو تفعيل لهذه الظاهرة الطيبة التي تعكس كرم الشعب السعودي، إضافة إلى أنها ميزة تميزت بها أرض الحرمين الشريفين عن غيرها من الدول الأخرى، فهناك الكثير من العائلات لا تستطيع أن تشارك بمالها في هذا المشروع الحيوي والمهم، بل تحض أبناءها لمشاركتنا في توزيع الوجبات ولإدخال الفرحة في نفوس الصائمين، مطالبا في الوقت ذاته أن يكون المشاركون في توزيع الوجبات على الصائمين، من الشباب الواعين والمدركين للمخاطر وحاضري الذهن، ذلك تجنبا للحوادث المرورية التي تحدث قبيل موعد أذان المغرب بدقائق بسبب السرعة الزائدة التي يقود بها بعض السائقين مركباتهم حتى يتمكن هؤلاء الشباب من تأدية الأعمال المناط بهم بكل انسجام وتنسيق تام. رياضة رمضانية ومن الأفكار الجديدة التي لجأ إليها بعض الشباب في هذا المجال الخيري استخدامهم رياضة «الإسكيتنق» -الأحذية المزودة بالإطارات- لضمان التحرك بشكل سريع وسلس، وهو ما اعتبره البعض نوعا من التطور الملحوظ في تقديم هذه الخدمة للصائمين، لا سيما أن عددهم تجاوز الستين شابا. يقول لاعب «الاسكيتنق» سمير بن محفوظ: حاولنا الاستفادة من هذه الهواية والرياضة في العمل الخيري وتوظيف طاقاتنا لخدمة وطننا عبر العمل الطوعي، ولنيل الأجر والمثوبة من الله عز وجل، كما فيها مشاركة مع الأصدقاء في هذه الرياضة بالإضافة إلى أننا نمارس نوعا من التمارين الرياضية. مؤشر إيجابي من جهته، أوضح المشرف على الفرق الشبابية بالندوة العالمية للشباب الإسلامي مصطفى خرد أن ما يحصل في بعض الإشارات المرورية من تكدس للشباب ووقوع بعض الخلافات والمشادات الكلامية أثناء توزيع الوجبات لهو مؤشر إيجابي يعكس حرص الشباب على الأعمال الخيرة واستغلالهم لأوقاتهم في هذا الشهر المبارك الذي تتضاعف فيه الحسنات، وأكد على أهمية التنسيق فيما بينهم حتى لا يحدث تكديس في بعض المواقع من خلال التحضير المسبق لمثل هذه الأمور، داعيا أن تكون مثل هذه الثقافة لبذل الخير في المجتمع طوال العام وليس في هذا الشهر المبارك فحسب لأن العمل الخير يكون في كل الأوقات وليس محصورا في شهر معين. وطالب خرد أن تكون هناك جهات تهتم بتنظيم هذا المشروع لتوظيف واستغلال الطاقات الشبابية بما يعود بالنفع والفائدة على الوطن بحيث لا تكون هناك فوضوية في العمل الخيري التطوعي، وطالب أن تكون هناك مراقبة صحية للوجبات كي لا تنقلب المنفعة إلى ضرر يلحق بالصائمين.