في شهر الصيام تتعدد وجوه الخير وتضييء النفوس بأنوار التكافل وتتجلى روح الإيثار رغم الخصاصة، ومن الشواهد النيرة على الإيثار ما نشاهده من توزيع وجبات الإفطار في الطرقات عند توقف المركبات في الإشارات المرورية قبيل دقائق من أذان المغرب، واستبدل هؤلاء الخيرين الإفطار مع العائلة ورفاهية المنزل، بالتعب والعرق في سبيل نيل الأجر من خلال تفطير الصائمين وعابري السبيل، ويقوم موزعو الوجبات بالتنسيق مع المطاعم من أجل تأمين الوجبات طوال أيام شهر رمضان مع تكفلهم الكامل بتكاليف الوجبات، وعلى الرغم من بساطة الوجبات المقدمة إلا أن الفرحة والدعوات التي تنسكب من أفواه المارة تنسيهم التعب وتُدخل الفرحة في قلوبهم. عمل عظيم رغم المصاعب يقول أحمد باطرفي والذي يقوم بتوزيع الوجبات على الصائمين أنه يرى في هذا الأمر عملاً عظيمًا بالنسبة له، موضحًا أنه يقوم في كل عام بإعداد الوجبات في المنزل وشراء كل المستلزمات مع قرب حلول الشهر الفضيل. ويؤكد أن مساعدة الآخرين لها طعم خاص وتترك أثرا جميلا في النفس حيث أن الدعوات التي تخرج من أفواه من نقوم بتوزيع الوجبات عليهم لا تقدر بثمن. ويضيف: عدم وجود كثافة مرورية مع اقتراب الأذان يسهل من مهمتنا في توزيع الوجبات على الرغم من وجود بعض الشاحنات التي نجد صعوبة في مناولة من فيها الوجبات نتيجة ارتفاعها الكبير، كما أن هناك بعض المارة ممن يقودون سياراتهم بسرعات جنونية من أجل اللحاق بموعد الإفطار في المنزل يعرضون من يقومون بتوزيع الوجبات لخطر الدهس نتيجة السرعة وهذا أمر يؤثر سلبًا على تحركاتنا أثناء التوزيع. أجر كبير عبدالعزيز الجهني وشقيقه عبدالرحمن يخرجان يوميا من المنزل قبيل موعد الأذان بحوالى نصف ساعة حاملين معهما (الحافظات) التي تحوي بداخلها وجبات الإفطار، يقول عبدالعزيز: إنه يشعر بسعادة كبيرة وهو يقوم بتوزيع الوجبات على الصائمين رغم أن الوجبة في محتواها بسيطة جدًا حيث تتكون من الماء والتمر ولبن وبعض المعجنات، ولكن أجر تفطير الصائمين كبير وهذا ما نطمح إليه. ويضيف: بعض المارة يسكن في مكان بعيد ولن يكون بإمكانه الوصول إلى منزله قبل الأذان، وآخرون ليسوا من نفس المدينة وهم أكبر الفئات التي نبحث عن مساعدتها بتوزيع الوجبات عليهم. عمل تطوعي ويؤكد إبراهيم جابر أنه لم يتناول طعام الإفطار مع عائلته منذ بداية شهر رمضان نظرا لتفرغه لهذا العمل التطوعي يوميًا. ويضيف أنه اتفق مع أحد المطاعم لتزويده بالوجبات طوال الشهر الفضيل حيث يقوم بتوزيع 50 وجبة يوميا بمفرده ويساعده في بعض الأيام بعض الأصدقاء في مواقع أخرى بحيث تصل الوجبات الموزعة إلى 150 وجبة في اليوم. وأخيرًا يقول إبراهيم أنه يجد في هذا العمل الخيري متعة كبيرة على الرغم من فقدانه لأطباق الوالدة وتناول وجبة الإفطار في المنزل.