كتاب الله الكريم علينا أن نقرأه ونداوم على قراءته ونستمع له ونتدبر معانيه ونرضخ لأوامره، سواء بالإتيان لما أوجب أو بالترك لما نهى عنه، والمسلم المؤمن يرتفع قدره بما لديه من قرآن، فقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: «يجيء صاحب القرآن يوم القيامة فيقول القرآن يا رب حله فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، يا رب ارض عنه، فيرضى عنه، ويقال: له اقره وارقه ويزداد بكل آية حسنة». (المستدرك على الصحيحين) ولكن للأسف نرى من تخصص في بيع الكتب والأشرطة الدينية يستخدم كتاب الله الكريم لترويج بضاعته، فإذا مررت بواحد من هذه المتاجر داخل إحدى الأسواق تجد البائعين يرفعون أصوات المقرئين عبر مكبرات الصوت للاستدلال على محلاتهم، ولم يراعوا أن المتسوقين يسيرون داخل السوق، ويتحدث بعضهم البعض دون التفات للآيات القرآنية التي تتلى من داخل هذه المحال التجارية، وغير مبالين بمعانيها، خاصة أنهم جاؤوا ليتسوقوا وليس ليسمعوا القرآن عدا المدخنين والمتبرجات من النساء، والأدهى من ذلك تجد أن البائعين يتبادلون الأحاديث دون اهتمام ولا إنصات لكتاب الله الكريم. هذا وجدته في أحد الأسواق الكبيرة (أحتفظ باسمه)، واستعجبت من أحد مسؤوليه عندما قال لي: «يا أخي القرآن يقرأ في الحرم والمساجد ولم يعترض أحد»، فقلت له: «لم أستمع إلى الحرمين الشريفين أو المساجد يعلو فيها صوت القراءة بالقرآن في غير صلاة»، ظنا منه أني اعترض على ذات قراءة القرآن، وأضاف: «لم يعترض أحد غيرك»، قلت: «اعتراضي بحجة وليس عبطا، بل هو تعظيم للقرآن وتقديس له، لأنه كلام المولى الكريم ولم ينزل لمثل هذا». وهذه العدوى أصابت أيضا المقيمين المتخلفين من بائعي الكتب والأشرطة والخردة أمام المساجد، فهم يروجون بضاعتهم برفع صوت القرآن. وبهذا يكون بالفعل أن القرآن الكريم عند البعض بإقامة الحروف وليس الحدود. وليس معنى كلامي أن نهجر القرآن حتى لا ينطبق علينا قول الله تعالى: «وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا». وهنا أطالب الجهة المختصة بمثل هذا الأمر التدخل ومنع المتاجرة بكلام الله إجلالا وتعظيما له ولكي لا يكون كلام الله وسيلة لترويج البضائع ولا يكون علو صوت القرآن دلالة فقط على أننا إسلاميون ملتزمون، خاصة أن الوضع هذا قد استشرى في أغلب مدن بلدنا الحبيب وإذا ما كلمت أحدهم أو ناصحته اعتقد أنك ضد الدين، هدانا الله وهداهم لما يحب ويرضى. [email protected] ص. ب 11750 جدة 21463 فاكس: 6286871