ما يقدمه الأستاذ أحمد الشقيري في برنامجه «خواطر» مختلف كثيرا عن البرامج المواعظية، فهو غير متجهم، ولغته رغم بساطتها إلا أنها عميقة تدفع المشاهد للتأمل. هذا العام ذهب الشقيري ليسلط الضوء على اليابان، هذا المجتمع الذي قال عنه أحد البريطانيين في القرن الثامن عشر «الشعب الذي يملك 7 ابتسامات»، وكان البرنامج جميلا إلى حد ما، وينقصه بعض الأمور التي تستحق تسليط الضوء عليها، لهذا بدا لي أن ثمة شيئا ما ناقصا في هذا البرنامج المهم والرائع، وهذا الجزء الناقص مهم، وربما هو أهم من فكرة «التراث والتطور»، وأنه يمكن لنا التمسك بالتراث مع المضي للأمام، مع أني أرى أن التراث لا دخل له بالتطور، إلا إن كان المجتمع يتمسك بعادات سلبية تعيقه عن التطور، وهنا عليه أن يتخلى عن هذا التراث المعيق للتقدم. أعود للأمر الناقص والمهم، وهو أن التطور ليس عملا فرديا يقوم به الفرد بعيدا عن المؤسسات، بمعنى أن يتطور الفرد فيتطور المجتمع بكل مؤسساته، بقدر ما هو عمل مؤسساتي يضع استراتيجية لتطوير الأفراد فيتطور المجتمع. وهذا ما يحدث في اليابان، فتطوير الأفراد يبدأ منذ دخول الطفل للمدرسة، وأول ما يتم تعليمه قبل القراءة والكتابة، قيمة وأهمية العمل الجماعي، وأن أفراد المجتمع أشبه بتروس داخل هذا الوطن، يمضون به للتطور، وأي ترس كان موقعك، فهو مهم وله قيمته، بغض النظر هل كان عملك يدويا آليا وبسيطا، أو أستاذا في الجامعة أو مفكرا. فلكل ترس أهميته، وتعطل أي ترس سيوقف تقدم الوطن، فيكبر هذا الطفل وهو مؤمن بالعمل الجماعي، ولديه تقديس لكل عمل، لأن كل عمل له قيمته، وبدونه يتوقف التقدم. ثمة أمر آخر يحتاج أن نسلط الضوء عليه، وهو المنهج لديهم، فمادة الأخلاق «هكذا تسمى» لها حصة واحدة في الأسبوع، فيما الرياضية وباقي العلوم التطبيقية لكل مادة حصة يوميا. قد يبدو الأمر مدهشا للوعاظ أو من يعتقد أن «الأخلاق» هي أهم مادة يجب أن يتعلمها الطفل، وهذا غير صحيح، لأن الأخلاق لا يمكن تعلمها من خلال التلقين بالمواعظ «كأن يقال للطفل: لا تكن أنانيا وتعاون مع أقرانك، فيما كل المحيطين به أنانيون، ولا يكترثون له، أو يقال له: إن العمل بغض النظر وفي أي ترس له قيمته، فيما هو يرى من حوله يحتقرون الأعمال اليدوية. لهذا هم لا يلقنون الطلاب تلك المواعظ مرة كل يوم أو مرتين في اليوم، لأنهم يعرفون أن القيم الأخلاقية سلوك يكتسبه الطفل من البيت والمدرسة، وحين لا يكون ذاك السلوك الذي نريد أن يتعلمه الطفل ممارسا في البيت والمدرسة، لن يمارسه، وبالتأكيد لن يؤمن به، وإن رددنا له كل يوم وكل حصة تلك المواعظ. ومع هذا ما يقدمه الأستاذ أحمد الشقيري عمل يستحق الشكر عليه، وإن كان في مقدمة برنامجه يقطع الشارع وهو يقرأ كتابا، وهذا ما لا يفعله اليابانيون ولا أي مجتمع يحب القراءة، فحب القراءة لا يعني أن تقطع الطريق وأنت تقرأ، إلا إن كنت تبالغ، والمبالغة وعدم الموضوعية خصوصية عربية. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة