يعتقد محللون أن صدور حكم بالسجن غيابيا في عملية تداول استنادا لمعلومات داخلية، لم يشارك إلا بقدر يسير في تحسين الشفافية في أكبر بورصة في العالم العربي، وأنه ربما فات الأوان للحيلولة دون وقوع المزيد من التجاوزات. وفي نهاية الأسبوع الماضي أعلنت هيئة سوق المال المنوطة بمراقبة البورصة أن لجنة للفصل في منازعات الأوراق المالية أصدرت حكما نهائيا ضد رئيس مجلس إدارة شركة بيشة للتنمية الزراعية بسجنه ثلاثة أشهر وتغريمه. وغرم رئيس بيشة نجم الدين أحمد نجم الدين ظافر 100 ألف ريال ومنع من العمل في أي شركة مدرجة لمدة خمس سنوات وأمر بإعادة 52690 ريالا، تقول الهيئة إنه كسبها بصورة غير مشروعة. والاعتقاد السائد حاليا، أن عقوبة السجن والغرامة غيابيا على رئيس شركة لم يتم تداول أسهمها منذ عامين الكثير، لن تمنع المزيد من حالات التداول استنادا إلى معلومات داخلية في ضوء تأخر العقوبة. وفرضت هيئة سوق المال عقوبات كبيرة ضد مستثمرين ومديرين تنفيذيين أدينوا في عمليات احتيال، لكن هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها حكما بالسجن، وهي خطوة أشاد بها مراقب واحد للسوق على الأقل. تتزامن هذه الخطوة، مع معاناة أسواق الخليج من مزاعم بوقوع حالات التداول استنادا إلى معلومات داخلية والتلاعب في أسعار الأسهم وسط مخاوف من ضعف اللوائح التنظيمية ونقص الشفافية. ويقول بشر بخيت المدير التنفيذي لمجموعة بخيت الاستثمارية، إن القرار الجديد سيجعل الناس يفكرون مرتين الآن، لأن العقوبات بالسجن موجودة في قوانين سوق المال، لكنها لم تستخدم مطلقا من قبل، وطبقت الجهات التنظيمية العملية بالتدريج. واستدرك: هل ستوقف عقوبة السجن التداولات على أساس معلومات داخلية، والجواب لا لن توقفها. وكانت شركة بيشة تشارك في تعاملات في التمر والبذور قبل أن تعلق هيئة السوق المالية التداول على أسهمها في يناير 2007 في أعقاب خسارة صافية في 2006 تجاوزت 75 في المائة من رأسمال الشركة المدفوع مما ينتهك القواعد التنظيمية. وأدى الإجراء إلى تراجع قيمتها السوقية من 400 مليون ريال إلى صفر، مما ألحق خسارة فادحة بنحو 10 آلاف مساهم. ولم تصدر شركة بيشة أي إيرادات فصلية أو سنوية منذ أبريل 2007، ويواجه مجلس إدارتها نزاعا قانونيا مع وزارة التجارة والصناعة والجهات المنظمة لعمل البورصة حول استئناف تداول أسهمها. ومن جهته، يعتقد عبد الحميد العمري العضو في جمعية الاقتصاد السعودية أن حجم الخسائر التي ألحقها مجلس إدارة بيشة بالمساهمين يستحق ثلاث سنوات في السجن وليس ثلاثة أشهر، هذه الخطوة فات أوانها واستهدفت أضعف حلقة في السوق وأضعف منتهك. ويقول محللون إن هيئة السوق المالية تحتاج أن تجعل الالتزام باللوائح التنظيمية لإدارة الشركات المدرجة إجباريا وليس طوعيا. وقال متعامل في بنك محلي له صلات قريبة بشركة بيشة: هنا تكمن المشكلة الحقيقية، لهذا ينتهي بنا الأمر بقضية مثل قضية بيشة.