أين أنت أيها اليمن السعيد حيث كنت في الزمن البعيد، وسحر الطبيعة، في جوار السهول الخضراء الهادئة التي تورث هدوء الطباع والأحوال، أين هذا من يمن اليوم الجالس على فوهة بركان الحرب الأهلية والإقليمية، يمن التشرذم والتفكك، يمن التناحر بعد التراحم. كل المؤشرات الظاهرة للعيان تؤكد بأن حربا على جميع الجبهات سوف تندلع بين لحظة وأخرى على أرض اليمن، وسوف يكون ضحاياها كالعادة الأبرياء من المسلمين، خاصة ونحن على أبواب شهر التراحم والتصالح، شهر رمضان الكريم، فبعد مناورات الحوثيين والتي حذرنا في مقالات سابقة من عواقبها ومن خطورة الوضع على الساحة اليمنية والإقليمية. هناك الآن استعدادات من جانب الحكومة والمؤسسة العسكرية لخوض حرب بجميع الأسلحة، وبكل الإمكانيات بما في ذلك أسلحة الطيران والمدفعية والصواريخ والمدرعات والمشاة، لإعادة النظام والأمن إلى المناطق الشمالية، وإطلاق سراح أفراد وقادة اللواء 82 الذين وقعوا أسرى بين أيدي المتمردين الحوثيين، بعد فشل الوساطة في إطلاق سراحهم. ومما لا يخفى على أحد أن الصراعات بين الحكومة المركزية في صنعاء وبين المتمردين الشماليين وترقب الانفصاليين الجنوبيين وتزامن ذلك مع الأزمة الاقتصادية، وتناقص الموارد النفطية والمائية.. كل هذه العوامل مجتمعة تهيئ لحروب طاحنة ومنهكة ليست لليمن وحده بل للمنطقة بأسرها، وهذا جزء من استراتيجية الفوضى الخلاقة التي أرادها الأعداء للعرب. والآن ونحن على أعتاب شهر التراحم والتصالح، إلى أبناء اليمن نقول: لا نسألكم التسامح والتصالح، ولكن نوجه نداء، بل رجاء إلى جميع الإخوة المسلمين المتحاربين في اليمن، بأن يكفوا عن القتال والصراع خلال شهر رمضان، لا مراعاة لحرمة دم المسلم فحسب، وإن كانت حرمته أعظم عند الله من حرمة بيته الحرام، و لا احتراما لمشاعر العالم العربي والإسلامي فحسب، ولكن حرمة لشهر الله الحرام، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب. نبيل عواد المزيني باحث الولايات المتحدة