جريمة شاب في العشرين أقدم على قتل شقيقتيه لدى خروجهما من مؤسسة رعاية الفتيات في حي المربع وسط الرياض، أمام والده وشقيقه الأكبر، أصبحت حديث المجالس والمنتديات وشغلت مساحات كبيرة في المواقع والمنتديات. وتكشفت أبعاد الجريمة مع إيقاف الشقيقتين في مؤسسة رعاية الفتيات وبعد أن سمحت لهما هيئة التحقيق والإدعاء العام بالخروج بموجب مذكرة إطلاق سراحهما والإذن لوالدهما باستلامهما. ووفق مذكرة الإطلاق توجه والد الفتاتين بصحبة ابنه الأكبر إلى مؤسسة دار رعاية الفتيات في المربع ظهر ذاك اليوم، وأثناء ذلك كان ابنه البالغ من العمر 20 عاما يتبعهما دون علمهما وعند خروجهما وتوجههما لسيارتهما، تهجم على شقيقتيه بإشهاره مسدسا باتجاه شقيقته الأولى وكانت طلقة واحدة استقرت في رأسها كافية لقتلها، فيما أطلق ثلاث طلقات على شقيقته الأخرى أردتها قتيلة. وأقدم الجاني على فعلته أمام أعين والده وشقيقه الأكبر، ما تسبب في صدمتهما ثم وضع السلاح المستخدم بجانب جثتي شقيقتيه اللتين غرقتا في دمائهما ليتوجه بعدها إلى حراسات بوابة مؤسسات رعاية الفتيات، ليسلم نفسه لرجال الأمن دون مقاومة، حيث تم التحفظ عليه حتى وصول الجهات الأمنية وفرق التحقيق إلى موقع الجريمة. أمام القاضي حول تفاصيل وسيناريو الجريمة أوضح الناطق الإعلامي في شرطة منطقة الرياض بالنيابة الرائد عبد الرحمن الجغيمان أن مركز شرطة المربع تبلغ من حراسات مؤسسة رعاية الفتيات عن قيام شخص يبلغ من العمر 20 عاما بقتل شقيقتيه أثناء خروجهما من مؤسسة رعاية الفتيات في الرياض، بعد أن استلمهما والدهما بموجب مذكرة إطلاق سراح من هيئة التحقيق والإدعاء العام، مشيرا إلى أن الجاني كان بانتظارهما أثناء خروجهما من البوابة حيث قد لحق بسيارة والده. وأشار الجغيمان أن الجاني أطلق على شقيقته الأولى طلقة واحدة استقرت مباشرة في رأسها وأدت إلى وفاتها على الفور، فيما أصاب الأخرى بثلاثة أعيرة نارية أدت إلى مقتلها أيضا، ثم ألقى السلاح إلى جوارهما بعد أن تولى أفراد حراسات مؤسسة رعاية الفتيات السيطرة عليه وضبطه والتحفظ عليه، لافتا أن خبراء الأدلة الجنائية الذين باشروا الحادث وجدوا جثتي الفتاتين على الأرض والمسدس المستخدم في الجريمة إلى جوارهما، مع سبعة أظرف فارغة في مسرح الجريمة، فيما تم إيداع جثتي الفتاتين ثلاجة مجمع الملك سعود الطبي، وسلمت القضية لهيئة التحقيق والإدعاء العام لاستكمال إجراءات التحقيق بحكم الاختصاص، مؤكدا أنه تم تصديق اعترافات الجاني قاتل شقيقتيه شرعا في المحكمة الشرعية. وقد شهد الحادث تجمهر أعداد كبيرة من المارة بسبب قرب موقع مؤسسة دار رعاية الفتيات من مرور المربع ومكتب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث تفاجأ عدد من المراجعين في تلك الدوائر بمنظر الجريمة وبشاعتها، حيث ذكر شاهد عيان ل«عكاظ» أن الحادثة بدأت بعد أن قدم والد الفتاتين لدار الفتيات ويصاحبه ابنه الأكبر لإخراجهما، حيث تم إنهاء إجراءاتهما الرسمية وعند خروجهما من البوابة الرسمية للدار، تتبعهما شقيقهما الأصغر حتى نهاية سور مبنى الدار، وبدأ في إطلاق الأعيرة النارية، وبعد أن قتل شقيقتيه وضع السلاح بجانبهما. الغيلة حكمه القصاص وأوضح ل«عكاظ» رئيس محكمة الخفجي الشيخ عثمان الخضير أن قتل الشاب (الجاني) شقيقتيه وهما على غفلة يعتبر غيلة وعلى غرة، وهنا تنظر المحكمة فيه القضية وبتمحيص على نتائج التحقيقات وتحكم بها وترفع إلى ولي الأمر، مشيرا أن قتل الغيلة حكمه القصاص وهو يعد الحق العام، حتى إذا تنازلت أسرة الشاب عن حقها الخاص، مضيفا أن الحكم في مثل هذه القضايا لابد النظر في جميع التحقيقات والدوافع وأسباب القتل. الشريعة هي الحكم وتقول المحامية حياة العياش إنه لا يوجد نظام جنائي مكتوب في المملكة، حيث أن الشريعة الإسلامية هي الحكم في مثل هذه القضايا شرعا قال تعالى: «ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق» والحق هنا وجوب قيام قرينة تنفي الاشتباه وتثبت الفعل المحرم الذي يبرر إقامة حدود الله على فاعلها، ومما سبق ذكره نجد أن تداعيات هذه القضيه قامت على أساس الظن والشك وغيرة الأخ، والتساؤل حول وجود مبرر وأساس شرعي للأخ لقتله أختيه. وأبانت العياش كون الغيرة أو الشك كانت المحرك لإرتكاب الجريمة، فإن الشريعة الإسلامية شددت في جوانب كثيرة وجوب البينة والتبين وإثبات التلبس للوقوف حول مسببات قيام حدود الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى رجال أموال قوم ودماءهم» وحيث أن ملابسات القضية قامت على الشك، وعدم الوقوف والتبين لماهية أسباب إيقاف رجال الحسبة للأختين، مضيفة أن القضية لم تقم على ظرف التلبس أو رؤية العين الذي يبرر الدفاع عن الشرف وانتهاك العرض الأمر الذي قد يساهم إلى حد ما في تبرير القتل أو تخفيف عقوبته، وإن كانت حدود الله يجب أن تقام بيد من تقرر لهم ذلك شرعا وهم ولاة الأمر. بعد وقوفهم على ملابسات القضية والذين هم أنفسهم قاموا بالإفراج عن الأختين حسبما تبين من ملابسات القضية وما ذكر من قبل الناطق الرسمي بالقضيه الذي أفرج عن الفتاتين لحين إثبات الإدانة أو التبرئة للأخوات). وأضافت في هذه القضية قام الأخ بجريمة القتل دون وجود سبب أو مبرر شرعي (كثبوت الفعل المحرم أو انتفاء الاشتباه بعدم القيام به أو الإقرار به) فكان المحرك الوحيد والسبب الذي دعاه للقتل هو الاشتباه والظن والتوهم، دون تحريه أو تأكده من فعل أختيه إن كان موجبا للقتل أم لا، بذلك يكون قيامه بقتله أخوته قتل غيلة وخفية وعمدا بحضوره مكان الجريمة ومعه أداة الجريمة بنية القتل. تخطي الحادثة وعن الدوافع النفسية لقيام شاب بقتل شقيقتيه قال الأخصائي النفسي الإكلينيكي وليد الزهراني: أرى أنه من الممكن أن يكون هذا الشاب قد تعرض لضغوط اجتماعية وبدأ يشعر بمشاعر نفسية سيئة، حيث يبدأ يظن ويشك أن المجتمع ينظر له نظرة عكسية، وأنه يجب أن ينتقم لنفسه ولسمعته. أما السبب الثاني فقد يكون الشاب مختلا عقليا بسبب مرض ذهاني كانفصام الشخصية الذي يدفع الشخص للتخيلات والأوهام النفسية التي ينتج عنها تصرفات سلبية كالقتل والدخول في عالم الخيالات السلبية. وأبان أن التأثير النفسي على أسرة الشاب والشقيقتين جدا مؤثر على نفسية الأسرة وتمثل صدمة نفسية كبيرة وسيئة، حيث أنهم فقدوا ثلاثة من أبنائهم (الشاب والضحيتين). دار رعاية الفتيات يذكر أن مؤسسات دار رعاية الفتيات تعنى بتحقيق أسس الرعاية والتقويم الاجتماعي وتقوية الوازع الديني للفتيات اللاتي يتعرضن لظروف اجتماعية ونفسية قاهرة أجبرتهن على التعثر، والعمل لتحقيق الرعاية الصحية والتربوية والتعليمية والتدريبية السليمة للفتيات اللاتي يحتجزن رهن التحقيق أو المحاكمة، وكذلك اللاتي يقرر القاضي بقاءهن في المؤسسة ممن تقل أعمارهن عن 30 عاما. وتعتمد تلك المؤسسات في خططها على البرامج العلاجية وتنظم للملتحقات بها عددا من البرامج الهادفة والأنشطة الموجهة والمناسبة لخصوصيتهن، لمقابلة احتياجاتهن وتعديل سلوكهن للأفضل وتحقيق التكيف السليم، حيث تأتي برامج مؤسسات رعاية الفتيات بمثابة خط دفاع اجتماعي أولي لحماية بعض الفتيات والنسوة اللاتي وجدن العثرات في طريقهن، وإعادتهن إلى جادة الصواب.