تخيل عزيزي القارئ.. أنك كنت عائدا من العمل الذي أرهقك، وكنت تحمل بيدك اليمنى خبزا، واليد الأخرى تحمل بعض اللبن، فيما أسرتك تنتظرك على الغداء. ما إن هبطت من السيارة حتى رأيت شخصين رسميين يقفان أمام بيتك، فشعرت بخوف مع أنك لم تعمل شيئا، ترسم ابتسامة خائف، وتكمل سيرك نحو باب البيت؛ وكأنك لا تكترث لتخفي اضطرابك، عند الباب يسألك أحدهما: «أنت فلان»؟ فتأكد أنك هو، وأنك تود معرفة كيف يمكن لك أن تخدمهما، فيسألك: «أين أخوك، نحن نبحث عنه في كل مكان»؟ هذا السؤال يضيف لمشاعرك شيئا من الحزن، فأخوك فقد البوصلة، ولم يعد يعرف ما الذي يريد منذ زمن بعيد، لهذا هو لايبالي ولايكترث، وكنت تتوقع أنه وفي يوم ما سيرتكب جريمة، تتذكر دلال والديك له، أوتتذكر اضطهاد والدك الذي تسبب في تيه أخيك (فالعدوانية كالدلال تفقد الأبناء بوصلة الصواب والخطأ). في هذا الخيال ليس مهما ما هو السبب الحقيقي لضياع الأخ، فالخيال هنا سينقلنا لمدارات بعيدة عن أخيك المجرم. تخبرهما أنك لا تعرف أين هو، وأن أخباره انقطعت عنك، وأنك أيضا تريد معرفة «أين أخوك»؟ فيقول لك أحدهما وبكل وقار واحترام وجدية: «لو سمحت تفضل معنا»؟ تحاول فهم الأسباب، فيؤكد لك: «هناك ستعرف كل شيء»، فتطلب أن يسمحا لك بأن تخبر أسرتك التي تنتظرك على الغداء، فيؤكد لك: الأمر لا يتعدى سوى بعض الأسئلة ثم نعيدك نحن إلى البيت. هناك ستكتشف أن القضية ليست بعض أسئلة، تبحث عن إجابات منك، وأن القاضي قرر أن يتحفظ عليك إلى أن يحضر أخوك الذي ارتكب جريمة ويسلم نفسه، لاعتقاد القاضي أن المجرم سيحضر حين يعرف أن أخاه البريء سجن مكانه. ستحاول تذكير القاضي ب (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، حين لا ينفع التذكير تعمل على عاطفته، بأن لديك عملا وأسرة تعولها، فيؤكد لك القاضي بأنه لأجل هذا سيتم التحفظ عليك، فأخوك حين يعرف بأمرك لن يرضى أن يسجن أخوه مكانه، فتمضي للتوقيف وأنت لا تفهم ما الذي يحدث لك، وكيف يحدث هذا، وأين هو العدل حين يرتكب أخوك جريمة فتسجن أنت؟ الآن وبعد هذه التخيلات، ما رأيك عزيزي القارئ لو حدث لك هذا على أرض الواقع؟ قبل أن تكتب أو تقول رأيك، سأتركك مع تصريح نشر يوم الأربعاء الماضي في جريدة الاقتصادية بالصفحة الأخيرة، يقول التصريح: «إن البحث جار عن الشاب (يقصد م.ع الذي ظهر بقناة LBC) من قبل هيئة التحقيق والادعاء العام، مشيرا إلى أنه في حال عدم حضوره شخصيا لأنه أغلق وسائل الاتصال به ولا يسكن في بيته الحالي، ستضطر الجهات الرسمية إلى التحفظ على واحد من إخوته إلى حين مجيئه بنفسه، مشيرا إلى أن العقاب وطريقته يحتاجان إلى تريث». ولم يحدد هل العقاب للمجرم أم لأخيه في حال عدم حضوره. لا تنس عزيزي القارئ تخيل.. تخيل فقط. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة