احتفظ المنزل، الذي عاش فيه الزعيم الهندي المهاتما غاندي في جنوب أفريقيا، بجماله الهادئ بعيدا عن ضجيج وصخب جوهانسبورغ. ويشد البيت المعروض للبيع الأنظار ويتنافس الراغبون في شرائه للسير على خطى المهاتما. ولم تشهد نانسي بال حماسا لشراء هذا المنزل من قبل. فبعد أن بحثت سنوات عن صيد ثمين، أي زبون يريد حماية الإرث التاريخي لهذا المنزل، أصبحت تنهال عليها عشرات العروض منذ أن بدأت وسائل الإعلام تتحدث عن تاريخه. وقالت صاحبة المنزل بينما كانت جالسة في غرفة الطعام التي نام فيها غاندي «إن هذا المنزل أصبح ظاهرة مثل سوزان بويل (التي أصبحت نجمة منذ مشاركتها في مسابقة للأغنية)، منذ نشر هذا المقال الصغير. لقد أثار اهتماما كبيرا في الهند وغيرها». وبين 1908 و1910 تردد غاندي باستمرار على هذا البيت الذي بناه صديقه المهندس المعماري هيرمان كالنباخ. ومنذ ذلك الحين تم توسيع المنزل وتحديثه. لكن نانسي وهي فنانة أمريكية وزوجها الجنوب أفريقي حرصا على المحافظة على روح المكان منذ وصولهما في 1981. وقد حافظا على الحديقة والبئر والقاعدة المعدنية التي تسند السلم الذي يقود إلى الغرفة الصغيرة التي كان غاندي ينام فيها. وأوضحت هذه السيدة التي ستنتقل قريبا إلى الكاب (جنوب شرق) لتعيش قرب أولادها الثلاثة، أن هذا المنزل أطلق عليه اسم «الكرال» (وتعني أرض مسيجة للمواشي) لأنه «مزيج من العمارة الأفريقية والأوروبية». وأضافت «أن الكوخين الدائريين من سمات أفريقيا لكن هناك الجانب الأوروبي المتمثل بوجود مدخنة من الآجر». وفي جوهانسبورغ، هذا المنزل واحد من المباني النادرة التي لم تدمر، حسبما أكدت نانسي بال. وخلال عشر سنوات أمضاها في العاصمة الاقتصادية لجنوب أفريقيا، ترك المحامي الشاب غاندي بصمات في منزله الأول الواقع في شارع البرميل، وفي مركز إحراق الموتى الهندوس الذي ساهم في تأسيسه وفي أول مركز اعتقل فيه «كونستيتيوشن هيل». وكان غاندي بدأ نشاطه السياسي في جنوب أفريقيا، حيث أمضى 21 سنة متقطعة تخللتها رحلات أقام خلالها في بريطانيا والهند، حسبما يؤكد أيريك أيتسكين مؤلف كتاب «جوهانسبورغ غاندي». وحتى رحيله في 1914، وضع ثم طبق فلسفة «الساتياغراها» التي تتمحور حول اللا عنف وعدم التعاون من أجل الاحتجاج على التمييز العنصري بحق الهنود. ويقول إيتسكين من بلدية جوهانسبورغ «لقد بدأ معركته هنا»، موضحا أنه «أثر إلى حد كبير على حركة تحرير السود وإنشاء المؤتمر الوطني الأفريقي الذي ناضل ضد الفصل العنصري». ويعبر إيتسكين عن الأسف لغياب الحديث عن هذا الإرث، مشيرا إلى وجود معرضين فقط حول مسيرة غاندي وساحة تحمل اسمه في وسط المدينة. وتابع: أن سكان جنوب أفريقيا والسياح على حد سواء يجهلون في أغلب الأحيان أن غاندي بدأ معاركه الأولى في جوهانسبورغ. ويمكن أن يسمح عرض «الكرال» للبيع بعدما أثار اهتمام هنود نافذين، أن يروج لهذا الإرث. وقالت نانسي بال «إذا أصبح هذا المنزل موقعا تاريخيا حول حياته ومكانا يمكن أن يأتي الناس للتأمل فيه (...) سيكون الأمر رائعا». وتحلم بال بأن يتحول منزل عائلتها هذا إلى مركز مخصص لغاندي.