زيادة عدد أيام الإجازة الأسبوعية إلى ثلاثة أيام، فكرة مطروحة لدى بعض الدول، ويعتمد تطبيقها على عوامل عدة، مثل القوانين العملية والثقافة المؤسسية في الشركة أو المؤسسة. قد يكون من الجيد تقديم مقترح كهذا إلى إدارة الشركة أو الجهة المعنية بالقرارات الإدارية للنظر فيه، ويمكن أيضاً البحث عن أمثلة للنظر في مدى نجاح تطبيق هذا النمط من الإجازات في الشركات، وفي النهاية يجب أن يكون هناك توازن بين حاجات الموظفين وحاجات العمل لضمان استدامة الأعمال وسعادة الجميع. إن فكرة تقليل أيام العمل إلى أربعة أيام في الأسبوع، قد تكون مثيرة للاهتمام، وهذا النمط يعرف ب(الأسبوع العملي المختصر)، وله فوائد عديدة. وطبقاً للمحللين، فإن لهذه الخطوة المقترحة جوانب إيجابية؛ منها تحسين التوازن بين العمل والحياة الشخصية، إذ يمكن أن يساعد العمل أربعة أيام في الأسبوع في تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية، ما يسمح للموظفين بقضاء وقت أكبر مع أسرهم وممارسة هواياتهم، وكذا زيادة الإنتاجية والتركيز، إذ يُعتقد أن العمل لفترة أقصر يمكن أن يزيد من التركيز والإنتاجية، ويمكن للموظفين أن يكونوا أكثر فعالية خلال أيام العمل القليلة، ومن النقاط الإيجابية أيضاً تقليل التنقل وحركة المرور بتقليل أيام العمل، ما يؤدي إلى تقليل الازدحام وانبعاثات الكربون. فرص النجاح والفشل لإنزال المقترح إلى أرض الواقع، يجب الأخذ في الاعتبار جوانب عدة؛ منها توزيع العمل والأعباء بشكل مناسب على أيام العمل الأربعة؛ لضمان استمرارية الإنتاجية وتحقيق الأهداف المحددة، ويجب أن يتم التفكير في كيفية تطبيق هذا النمط في مختلف القطاعات والصناعات، فقد يكون له تأثير مختلف على العاملين في الصحة، التعليم، الإنتاج، وغيرها. وعليه يجب أن تتم دراسة المقترح بعناية ومراعاة جميع الجوانب قبل تطبيقه في جانب سيكون له تأثير إيجابي على العمل. لكن فكرة تطبيق المقترح قد تواجه العديد من التحديات المهمة؛ من بينها التكلفة الاقتصادية، فقد يؤدي تمديد إجازة نهاية الأسبوع إلى تكاليف إضافية على الحكومة والشركات، مثل دفع أجور إضافية للعاملين في القطاع العام والخاص. والتأثير على الإنتاجية، اذ يؤدي تمديد العطلة إلى تقليل ساعات العمل الإجمالية، ما يؤثر على الإنتاجية والأداء الاقتصادي. وكذلك على الجدول الزمني، فقد يكون له تأثير على المشاريع والأعمال، إذ يتطلب تكييفاً وتخطيطاً جيداً. ويجب أن يتم التفكير في تأثير القرار على القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والنقل، فقد يؤدي تمديد العطلة إلى تغييرات في النمط الاجتماعي والثقافي ما يتطلب تكييفاً من الأفراد والمجتمع. أغلقوا هواتفكم! في يناير الماضي تقدم خمسة نواب في البرلمان البحريني، بمقترح لجعل إجازة نهاية الأسبوع ثلاثة أيام (الجمعة والسبت والأحد)؛ حسب صحيفة الأيام البحرينية. وقال النائب محمد العليوي، أحد مقدمي المقترح، إن المقترح يأتي في ظل التطورات التي يشهدها العالم في شتى المجالات وتطور الإمكانات التكنولوجية التي تساهم في تطور المجتمع على جميع الأصعدة، والحاجة الملحة إلى مواكبة التقدم في العالم ومنها الأنظمة الاقتصادية العالمية. يشار إلى أن بعض الدول تقدم إجازة نهاية الأسبوع لثلاثة أيام كجزء من جدول العمل الرسمي ومن الدول بلجيكا، أحدث دولة لا تقدم أسبوع عمل لمدة أربعة أيام فحسب، بل تمنح الموظفين أيضاً الحق في تجاهل الرسائل المتعلقة بالعمل وإيقاف تشغيل أجهزة العمل بعد ساعات العمل. وقال رئيس الوزراء البلجيكي في مؤتمر صحفي: «لقد مررنا بعامين صعبين. ومن خلال هذه الاتفاقية، وضعنا منارة لاقتصاد أكثر ابتكاراً واستدامة ورقمية. الهدف هو أن نكون قادرين على جعل الناس والشركات أقوى». تقليل انبعاثات الكربون تلقت فكرة الأسبوع المكون من أربعة أيام دفعة كبيرة من رئيسة الوزراء النيوزيلندية، التي اعتقدت أنها لن تحسن التوازن بين العمل والحياة فحسب، بل ستعزز أيضاً اقتصاد البلاد في ضوء جائحة COVID. وبهدف تحسين التوازن بين العمل والحياة لمواطنيها طلبت اليابان من الشركات بدء أسبوع عمل لمدة أربعة أيام كجزء من برنامج المبادرة الحكومية؛ وفقاً للتقارير، وأصدرت الحكومة تعليمات للشركات بأن تقدم للقوى العاملة لديها خياراً للتحول إلى أسبوع عمل مدته أربعة أيام بدلاً من خمسة أيام نموذجية. وفي أيرلندا، قدمت الحكومة برنامجاً تجريبياً للتحقق من فعالية أسبوع العمل لمدة أربعة أيام. ووفقاً لوزير البيئة والمناخ والاتصالات، فإن هذا الانتقال إلى أسبوع عمل لمدة أربعة أيام لن يساعد فقط في تقليل انبعاثات الكربون وتحسين جودة الهواء، ولكنه سيفيد الناس أيضاً في الحصول على يوم عطلة إضافي. وأعلن الحزب الوطني الاسكتلندي، إطلاق أسبوع عمل تجريبي لمدة أربعة أيام. وإذا كانت التقارير ستمر، فإن 80% من الناس استجابوا للفكرة، وكانوا متحمسين للغاية للمبادرة. وساعد ذلك الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة، من خلال الحصول على مزيد من الوقت لأنفسهم. وخفضت الإمارات، أسبوع العمل الرسمي إلى أربعة أيام ونصف في أوائل ديسمبر 2021م، وانتقلت من أسبوع العمل المكون من خمسة أيام. وفقاً للتقارير، دخل التغيير الجديد حيز التنفيذ اعتباراً من 1 يناير 2022م، وأفاد المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات أنه تم تنفيذ التغيير الجديد لتحسين التوازن بين العمل والحياة والإنتاجية. إيماءة بعدم خفض الرواتب وفقاً للتقارير أعلنت إسبانيا، تجربة العمل لمدة أربعة أيام في الأسبوع، ووفقاً لقواعد الحكومة الإسبانية، يتعين على الموظفين إكمال أسبوع عمل مدته 32 ساعة على مدار ثلاث سنوات، مع إعطاء إيماءة بعدم خفض تعويضات العمال. وبحسب ما ورد، يتم تنفيذ البرنامج التجريبي باستثمار نحو 60 مليون دولار. من جانبها، قدمت أيسلندا تجربة مدتها أربع سنوات في أكتوبر 2021م، لتجربة أسبوع العمل لمدة أربعة أيام. ووفقاً للتقارير، يشارك نحو 2500 عامل في هذا البرنامج وينغمسون في مجموعة واسعة من أماكن العمل، مثل المكاتب والمستشفيات ورياض الأطفال. إذا كانت النتائج ستنجح، فقد تحسنت الإنتاجية في غالبية الإعدادات. إضافة إلى ذلك، يتيح ذلك للأشخاص الذهاب في رحلة سريعة في عطلة نهاية الأسبوع لمدة ثلاثة أيام وتجديد نشاطهم. لا صحة للدراسة في الوقت الحالي كشفت مصادر «عكاظ» أوائل العام الماضي 2023م، أن ما يتم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي، حول دراسة السعودية تغيير أيام العمل والإجازات إلى أربعة أيام عمل وثلاثة أيام إجازة، لا صحة له في الوقت الحالي. وأكدت المصادر، أن أي تغيير في المستقبل، سيتم إعلانه رسمياً من الجهات المختصة. يشار إلى أن عدداً من مواقع التواصل الاجتماعي تناقلت خبراً حول تغيير مواعيد الإجازات والعمل في المملكة. وكانت شركة (لوسيديا) السعودية، أعلنت تقليص أيام العمل الأسبوعية إلى أربعة أيام بدلاً من خمسة أيام. وأثار قرار الشركة ردود أفعال متباينة، وأبدى مغردون إعجابهم بالنظام الجديد فيما يتطلع البعض لنتائج هذه التجربة وتأثيرها على أداء الموظفين وجودة العمل، حسبما ذكر برنامج نشرة الرابعة على قناة العربية. وأعلنت شركة لوسيديا، خلال صفحتها الرسمية بموقع التدوينات (إكس) من خلال إنفوغرافيك عدد أيام العمل، وهي أربعة بداية من الأحد إلى الأربعاء، تحت شعار «أسلوب عمل متوازن يُطلق العنان لأفكارنا الخلاقة». مناسب لبعض القطاعات الأكاديمي والكاتب المتخصص في الاقتصاد الإسلامي الدكتور صلاح بن فهد الشلهوب، قال: إن هذا النظام من الدوام يناسب قطاعاً كبيراً من الشركات، خصوصاً مع التوسع الذي يحدث حالياً والسعي إلى جذب الاستثمارات الأجنبية في أن تكون مقراتها الإقليمية في المملكة، وبطبيعة الحال هذه الشركات تتعامل مع مناطق ودول مختلفة قد يكون غالبها الدوام أربعة أيام ونصف يوم؛ أربعة أيام كاملة من الإثنين إلى الخميس، وبعدها الجمعة نصف يوم، وذلك لطبيعة المجتمع، وهناك مكسب في التواصل مع كل دول العالم أيام الدوام، ويناسب ذلك فئة ليست قليلة من الشركات سواء التي مقراتها إقليمية أو حتى القطاع المالي المستفيد في هذا الجانب خصوصاً أن شركات مالية مقراتها في المملكة. ويضيف الشلهوب «إن كل الشركات تحتاج لمثل هذا الدوام». جهد مهدور في الفراغ يرى الكاتب والمحلل الاقتصادي جهاد العبيد، أن التجربة تمت في دول مثل الولاياتالمتحدة وكندا ونيوزيلندا، ووجدت أن تقليص عدد أيام العمل أثمر عن زيادة في الإنتاجية للموظفين ورفع مستوى الالتزام والولاء، وهو ما ينعكس على الأداء العام للشركة، فمثلاً إحدى الشركات الأسترالية التي طبقت التجربة زادت عائداتها 46%، كما أن هناك دراسات تشير إلى أن عدد عمل الساعات الفعلية للموظفين لا يتجاوز ست ساعات يومياً، ما يجعل الأيام والساعات الإضافية مجرد جهد مهدور للموظف وتكاليف أكبر على الشركات. اما عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث فيرى، أن تطبيق إجازة ثلاثة أيام لها جانبان اجتماعي واقتصادي؛ الاجتماعي شحذ الهمم، وتحقيق الأهداف الشخصية، وإعطاء طاقة وشغف أكبر للعمل. وبحسب الدراسات التي أُجريت حول العالم، فإن فوائد هذا النظام لا تقتصر على ذلك فقط، فقد كشفت إحدى الدراسات البريطانية أن العمل أربعة أيام في الأسبوع يحمل فوائد مذهلة تشمل تحسن الصحة العقلية، والجسدية، والنفسية للعاملين، وذلك في تجربة ميدانية شملت 61 شركة ونحو 2900 عامل في المملكة المتحدة. تجربة السبت تدعم المقترح الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور إياس آل بارود، يرى أن الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها المملكة نقطة تحول تاريخية للاقتصاد الوطني. ومن اهتمامات رؤية 2030 اتخاد خطوات تدريجية نحو مواءمة القطاعات البنكية والمالية والتجارية والسياحية السعودية للقطاعات الأجنبية مما يعزز الاستقرار والتنافسية، فتغيير إجازة نهاية الأسبوع ستكون له إيجابيات كثيرة؛ منها رفع إنتاجية العمل في القطاع الحكومي، وتقليل التفاوت في الوقت بين المنطقة وبقية دول العالم، مما يساهم في تفادي البلاد خسائر اقتصادية بملايين الدولارات كما يتضمن التغيير تقليص عدد ساعات العمل إلى أربعة أيام ونصف يوم، رغم أنه قد يستغرق بعض الوقت للتكيف مع هذا التغيير، كما أن تجربة تغيير الإجازة من الخميس إلى السبت لم تسبب أي تأثير سلبي على الإنتاجية في الماضي، ما يشير إلى قدرة الجميع على التكيف مع التغيير. تنقلات وزيارات وسياحة عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله أحمد المغلوث، يرى أن مثل هذه الإجازة ستحدث حراكاً اقتصادياً في كافة المجالات، إذ يسعى أفراد الأسرة أو العائلات للاستفادة من الأيام واستغلالها في التنقل إلى مدن ومحافظات ومناطق المملكة للسياحة، وبالتالي ينتعش الطيران والفنادق والمطاعم إضافة للمجمعات ومراكز التسوق، ناهيك عن أن الأفراد الموظفين يذهبون في هذه الإجازة لزيارة أهاليهم وأسرهم، وتبعات ذلك من هدايا وتكاليف وجولات سياحية وعلى ذلك فإن إجازة ثلاثة أيام تعد مكسباً وعاملاً قوياً في النمو الاقتصادي وحراكاً للمنشأة الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة، مثل المقاهي واستراحات وأماكن التسوق، وستكون مكسباً لرجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال والمضاربين في سوق الأسهم، حيث سيكون بإمكانهم البيع والشراء ودخول منصات الأسهم العالمية. محاسن وعيوب المستشار والخبير الاقتصادي وكبير الاقتصاديين السابق في وزارة المالية صالح السلطان، قال: إن التطورات التقنية لها تأثيراتها القوية، وتقلل أيام العمل دون زيادة ساعات العمل في الأيام الباقية، وقد تزاد للتعويض عن التقليل في الأيام؛ فالعمل أربعة أيام أسبوعياً، يتوقع أن له آثاراً بيئية إيجابية لأن التنقل بالسيارات سينخفض فيقل استهلاك الوقود وتبعاته، لكن تقليل ساعات وأيام الدوام غير مناسب لبعض الجهات والأعمال كالمستشفيات، وبعض الصناعات. أما دوام القطاع الخاص خمسة أيام فله محاسنه وعيوبه ومن المحاسن إتاحة مزيد وقت لأنشطة وتحركات مفيدة للشخص خارج جهة العمل، أما عيوبه فتتمثل في تقليل الإنتاج بصفة عامة.