مرت التجربة الديمقراطية في الكويت بعدة منعطفات وأزمات منذ تأسيس دستور دولة الكويت الصادر عام 1962م؛ الذي يقتضي تحقيق التوازن بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي بالأسلوب المزدوج، ورغم مرور الكويت أيضاً بمراحل عظيمة من الإنجاز والتنمية والازدهار والمكانة الدولية، إلا أنها في سنواتها الأخيرة مرت بأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة جعلت تجربتها الديمقراطية وسيلة للعرقلة والصعوبات التي تمر بها، وهو الأمر الذي دفع أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الجمعة الماضية، إلى حل مجلس الأمة وتعليق بعض بنود الدستور في البلاد إنقاذاً للبلاد، معبراً بأن الكويت تمر بمصاعب وعراقيل انعكست على الواقع ولا يمكن تحملها، وأن اضطراب المشهد السياسي بالبلاد وصل إلى مرحلة لا يمكن السكوت عنها، ولا يوجد أحد فوق القانون، ملوحاً إلى المضي قدماً في محاربة الفساد بعبارة «من نال من المال العام سينال عقابه أيا كان موقعه أو صفته». كانت كلمة أمير الكويت قوية ومؤثرة، وتحمل الكثير من المعاني، وتلمح لتغيير كبير على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لدولة الكويت الشقيقة، وكان وعي الأمير متفوقاً على كل التوقعات حين ذكر في كلمته أنه «لن يسمح باستغلال الديمقراطية لتدمير البلاد»، وهذا في تقديري أمر مهم جداً عطفاً على ما تمر به الشقيقة من استغلال الجماعات الإسلاموية لتطويع بنود الدستور والتجربة الديموقراطية؛ خدمة لأهدافها الحركية ووفقاً لأجندتها السياسية المدمرة بتأجيج الشارع واستغلال الشباب في التثوير والتعبئة بالشعارات الحزبية ولغايات تقوض الوحدة الوطنية وتشجع على العصيان وتفتيت الوطن. مشروع أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد؛ الذي أعلن عنه قبل أيام، هو مشروع إصلاحي كبير، يهدف إلى ترميم البيت الكويتي وصقله من الداخل ببناء قوي تتكاتف فيه سواعد الشرفاء لتبديد المخاطر المحدقة من الخارج من اختراقات وتدخلات وولاءات صنعتها جماعات الإسلام السياسي والكتل التابعة لإيران وتنظيمات القاعدة وداعش وغيرها؛ التي استغلت التجربة الديمقراطية كغطاء لممارساتها السياسية لتدمير البلاد، كما حدث مع بعض أعضاء هذه التنظيمات الذين تآمروا على الكويت مع أعدائها في تسريبات صوتية غادرة وخيانات وطنية فجة، ليتفاجأ الجميع بأن محكمة الجنايات قد برأت عضواً سابقاً في البرلمان من قضية أمن دولة في القضية المعروفة إعلامياً ب(خيمة القذافي)، أما وقد تبدلت الأمور اليوم وعبر المشروع الأميري؛ الذي تمثله المرحلة القادمة والواعدة بقرارات سوف تضع الكويت في مسارها الصحيح ومكانتها الدولية المستحقة ووضعها الاقتصادي المستقر وحالتها الاجتماعية الآمنة البعيدة عن الاختراقات والمؤامرات والعبث الحزبي، فالكويت اليوم على موعد مع مرحلة جديدة أكثر تماسكاً وقوة ونمواً وازدهاراً ومستقبل أكثر طموحاً ونجاحاً بقيادة رجل شجاع وشعب وفيّ يستحق الأفضل في بلاد تستحق الصدارة، حفظ الله الكويت وشعبها وأميرها من كل مكروه.