المجتمع يشجبه ويستنكره، وعقوبات سنَّت لردع مرتكبيه. لم يعد التحرش فعلاً مسكوتاً عنه، أو حديثاً يرفض التطرق إليه، فصدرت البيانات الإعلامية لردع المتورطين فيه وآخرها الأيام الماضية، إذ صدرت بيانات تعلن التشهير بالمتحرشين تطبيقاً للمادة (6) من النظام السعودي لمكافحة جريمة التحرش، وتؤكد الجهات المختصة الضرب بيد من حديد لكل من تثبت إدانته في هذه الجريمة، ويترافق مع العقوبة نشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية، أو في أي وسيلة أخرى مناسبة، بحسب جسامة الجريمة، وتأثيرها على المجتمع. حوادث التحرش لا تشكل ظاهرة، ولكنها حوادث استدعت الإعلان عنها وتجريمها، فصَرّحت شرطة العاصمة المقدسة في مكةالمكرمة بضبط مقيم من الجنسية المصرية يدعى (وليد السيد عبدالحميد) لتحرشه بامرأة، وجرى إيقافه واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه، وإحالته إلى النيابة العامة. إيحاءات لسائحة وصدم سيارات ! في محافظة جدة، أعلنت الأجهزة الأمنية القبض على ناصر هادي حمد آل صلاح، لتحرشه بامرأة، وجرى إيقافه واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه، فضلاً عن إحالته إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات بشأن فعلته التي اقترفها. وقد شهد 2022م، إصدار أول حكم من المحكمة الجزائية بالمدينة المنورة على مواطن تحرش بامرأة وتلفظ عليها، وغُرم بخمسة آلاف ريال، مع السجن لمدة ثمانية أشهر. وتوالت أحكام التشهير بالمدانين بعد ذلك، إذ أدانت المحكمة الجزائية بالرياض مقيماً عربياً بالتحرش الجنسي لفظياً بفتاة في مقر عملها وشهرت به في وسيلتين إعلاميتين. كما أعلنت النيابة العامة، أن عقوبة المتهمين بشأن واقعة التجمهر حول مركبة سائحة أجنبية في أحد أحياء مدينة الرياض، والتحرش بها لفظاً وإشارة، وقيام أحدهم بصدم مركبتها والهرب من الموقع، تصل إلى السجن 10 سنوات، طبقاً لملابسات الواقعة؛ وفقاً لمادة من نظام مكافحة جريمة التحرش، واقترانها بجريمة تعمد صدم بمركبة لا تحمل لوحات والهرب من موقع الحادثة، والتجمهر المؤدي للإخلال بالآداب العامة. وأضافت النيابة: أن هذه السلوكيات تعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للعقوبة، وأشارت إلى أن الدائرة المختصة في النيابة العامة باشرت إجراءات التحقيق مع ستة مواطنين في العقد الثاني من العمر، وتم إخضاع المتهمين لإجراءات تحقيق مشددة، بعد إعلامهم بحقوقهم المكفولة نظاماً، واعترفوا بالأفعال الجرمية الصادرة منهم، وتم توقيفهم لحين إحالتهم للمحاكمة وشددت النيابة، على أن أي تجاوز تجاه السائحين يعد ظرفاً مشدداً للمساءلة الجزائية والمطالبة بعقوبة مغلظة بحق المتجاوز. فعل.. قول.. إشارة أكدت النيابة العامة، أن جريمة التحرش تُقترف بكل قول أو فعل أو إشارة تصدر من شخص تجاه آخر ذات مدلول جنسي تمس جسده أو عرضه أو تخدش حياءه بشكل مباشر أو غير مباشر بما في ذلك وسائل التقنية، مؤكدة أن عقوبتها السجن مدة تبلغ سنتين وغرامة مالية تصل 100 ألف ريال وتشدد حال تكرارها. وشددت النيابة، على أن جريمة التحرش قد تطال ستة أطراف تشمل مرتكب الجريمة، المحرض عليها، المتفق مع المتحرش، المساعدة على الجريمة، البلاغ الكيدي، الادعاء الكيدي. ولفتت النيابة، إلى الظروف المشددة للعقوبة التي تصل فيها العقوبة إلى السجن مدة تصل إلى خمس سنوات وغرامة مالية تصل إلى 300 ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين في حال كان المجني عليه طفلاً، وإن كان المجني عليه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإن كان الجاني له سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه، وإن وقعت الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية، وإن كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد، وإن كان المجني عليه نائماً، أو فاقداً للوعي، أو في حكم ذلك، وإن وقعت الجريمة في أي من حالات الأزمات أو الكوارث أو الحوادث. ودعت النيابة العامة، كل من تعرض أو اطلع على جريمة التحرش الجنسي باللفظ أو الفعل أن يبادر إلى إبلاغ الجهات المختصة لتطبيق العقوبات وفق الأنظمة. الجهل لا يعفي من المسؤولية أكد الخبير الأمني اللواء متقاعد سالم المطرفي، أن الجهل ببعض الجرائم أو الأفعال والمخالفات لا يعفي من المسؤولية والعقاب، فالقانون بالمرصاد لحفظ الأمن والأرواح والممتلكات ليتم إيقاع العقوبات الرادعة بحقهم، وبين أن تعمد البعض استغلال الفعاليات والمناسبات لممارسة أفعالهم المخالفة، وتشويه تلك الفعاليات وإظهارها بمظهر السوء والإسهام في ضعف الإقبال عليها، سلوك مرفوض من كافة شرائح المجتمع وفئاته، وعقوبة التشهير بهم تشكل رادعاً لغيرهم، لخطورة جرائمهم وآثارها على المجتمعات والأمن. التشهير رادع أكد المستشار القانوني المحامي أحمد المالكي، أن عقوبة التشهير رادعة للمتحرش، مشيراً إلى أن الأنظمة السعودية تتصدى لأي سلوكيات أو أعمال مخالفة لحماية المجتمع من شرور المعتدين والمتحرشين، ونصت المادة السادسة من نظام محاربة جريمة التحرش، على أنه في حالة ارتكاب جريمة التحرش، سيحُكم عليه بالسجن لمدة لا تجاوز سنتين، مع غرامة مالية لا تتجاوز 100,000 ريال. وأضاف بأن عقوبة جريمة التحرش السجن لمدة لا تتجاوز خمس سنوات، مع دفع غرامة مالية لا تتجاوز 300 ألف ريال سعودي، أو أي من هاتين العقوبتين، إذا كان المرتكب قد ارتكب الجريمة مرة أخرى. وأكد المالكي أن التشهير يأتي لصالح المجتمع ومكافحة الجريمة؛ لأنه يردع الجاني ويخيفه، ويأتي عقاب التشهير على جانبين، إذ يسجل بارتكابه جريمة لدى النظام، ويسجل لدى المجتمع كشخص طبق في حقه عقوبة بسبب سوء سلوكه، مشيراً إلى أن العقوبة تحددها جسامة الجريمة من خلال نوع التحرش إن كان اللفظي أو الجسدي، فهنا تزيد العقوبات وتحدد بحسب نوعية الضرر الواقع على الضحية والمجتمع.