حين نراجع أسماء الناس في فترات زمنية مختلفة، نجد تصنيفاً اجتماعياً يشير للحياة العامة في تلك الفترات، وكانت كل بيئة لها أسماؤها الخاصة، والعامة معاً. فالصحراء تمنح ساكنيها سماءها، وكذلك البحر، والجبل، والسواحل. واختلاف رقي المدن، وريفيتها لها أسماء، وللطبقات الاجتماعية أسماؤها، فالاسم تاريخ ، أو هو بوصلة تحدد اتجاه سير قافلة المجتمع عبر نموه. وأتوقع أن تسمية الأبناء تأتي من ثقافة المجتمع أو من خلال الآباء الباحثين عن الاسم الذي يليق بالمسمى به. وفي حياتي العملية وجدت أسماء غريبة، وفي بعض الأوقات تكون أسماء مشينة. أسماء تنضح بما كان سائداً في كل بيئية، حتى الأسماء التي أصفها بأنها مشينة تجدها في بيئتها من أحسن الأسماء التي أطلقها الآباء على أبنائهم. فالاسم دليل صارخ على رقي أو تدني ثقافي، أو تدهور مجاميع بشرية، كما أن الاسم بطاقة تعريف على ماهية المجتمع الذي يتواجد فيه.. ولذا كان من حقوق الأبناء أن يتم تسميتهم بالأسماء المستحسنة، والمستحسن ليس له زمن محدد أو بيئة محددة، فالتغيرات الزمنية وما يتم التعارف على أنه مستحسن يختلف من زمن لآخر، ومع ذلك أن لا يكون الاسم وعاءً لمادة استهلاكية قابلة للتلاشي، كما أن المستحسن هذا ينطلق من خلال وعي الأبوين العارفين بالتغيرات الاجتماعية التي يمكن للاسم أن يكون جيداً في فترة زمنية، وسيئاً في زمنية أخرى.. أذكر أنني كتبت في إحدى رواياتي بأن اسم الفرد منا يمثل صندوق البريد الذي ترسل إليه أقدارنا. وهذه الجملة لم تحبذ اسماً بعينه، فالقدر آتٍ آتٍ، إلا أن صندوق أقدارنا يصنف نوعية الرسالة المرسلة عليه. وأجمل تجريد للأسماء، جاء في أغنية فيروز (أسامينا).. (أسامينا شو تعبو أهالينا تلاقوها وشو افتكرو فينا الأسامي كلام شو خص الكلام عينينا هني أسامينا). حقاً، عين كل منا هو اسمها الحقيقي.