كلما حققت بلادنا نجاحاً أو إنجازاً ظهرت أصوات نشاز تهاجمها بكل شراسة، وتصل في كثير من الأحيان إلى درجة الإساءة إلى رموزها حسداً من عند أنفسهم، وأشد هذا الهجوم ضراوة من بعض الذين أحسنت إليهم السعودية أيما إحسان، وفي الحديث الشريف (من لا يشكر الناس لا يشكر الله)، فما بالك بمن تحسن إليه ويسيء إليك، وقد فسّر بعضهم كرم وحلم شعب المملكة بأن الإحسان إليهم حق من حقوقهم يجب الاستمرار فيه، وهذا تفكير منكوس إلى أدنى درجات التخلف والانحطاط الأخلاقي، ويصدق فيهم قول المتنبي: إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدّق ما يعتاده من توهُّم وقد قيل: أسوأ الناس خُلقاً من إذا غضب منك، أنكر فضلك، أفشى سرك، جحد عشرتك، وقال عنك ما ليس فيك. والغريب أن كل من يصرخ ويتهجم ويتشنج لا تجد له أثراً يذكر في بناء وطنه وتنميته، بل ارتضى لنفسه أن يكون دوره ومصدر رزقه هذه التفاهات من سب وشتم وتهجم، ولا شك أن النفس التي تمتلئ بالحقد والحسد والكراهية والمشاعر السلبية، ترتد على صاحبها حسرة وندامة وكآبة وتستنزف طاقته وحيويته، وتجعله غير قادر على توظيف واستغلال قدراته ومواهبه التي وهبها الله له، بل إن المشاعر السلبية المكبوتة تتحول إلى مرض يفتك باستقرار واتزان الجهاز العصبي، وقد يوصل صاحبه إلى المرحلة الحدية التي تجعله في اضطراب دائم نفسياً وفكرياً وجسدياً، ولك أن تتخيل كيف يكون منتجاً ومساهماً بفاعلية في بناء وتنمية وطنه من يعاني من كل ذلك؟ إن السعودية بثقلها الديني والسياسي والاقتصادي لا تلتفت إلى تلك الأصوات مهما تعالت وزاد صراخها، لأن لديها مشروعها الحضاري والتنموي، لديها رؤية طموحة لتحقيق مستهدفات تليق بها وبشعبها العظيم، ولسان حالها قول المتنبي (أنام ملء جفوني عن شواردها.. ويسهر الخلق جراها ويختصم). إن من وفقه الله أن يعيش سليم الصدر خالياً من الحقد والحسد والكراهية عاش سعيداً مبتهجاً يرى الجمال في كل شيء ويشعر بالسلام في كل موقف ويحسن الظن في كل عارض، ويجد من الوقت والتوفيق في استثمار قدراته ومواهبه لصالح مجتمعه ووطنه والإنسانية، فجمال الحياة وجودتها في الجمال الداخلي للنفس وخلوها ظاهراً وباطناً من مشاعر الحسد والكره والأماني الشيطانية، والمجتمعات التي ينتشر بين أفرادها السلام والحب والامتنان تعيش في راحة وأمن وطمأنينة وتنمية وازدهار.