من أجمل تفاصيل ديننا الحنيف؛ أنه لا يهمل جانباً من جوانب حياتناً أبداً، ويساهم في صنع إنسان سويّ بأخلاق عظيمة.. ومن أكثر ما تأملته بين سطور الأخلاق التي حثنا عليها؛ هو أن ما تفعله يعود إليك، وهي حقيقة لا مفرّ منها، وواقع يراه الناس بأم أعينهم، وكيف تدور الأيام وتعيد لك أفعالك! بل حتى من لا يؤمن بالدين ولا يتبع أوامر الله يُقرّ بهذه الحقيقة، ويطلقون عليها مسمى (كارما)، وتعني أن ما تفعله اليوم سيعود لك غداً، وعندنا نقول «الجزاء من جنس العمل»، إن أحسنت تجد إحساناً، وإن هتكت ستراً هُتِكَ سترك، وهلّم جرا. ما لفت نظري من بين كل هذه الأعمال والأخلاقيات ما وجدته عن الستر حين قرأت ذات مرة قصة رجل من بني إسرائيل مع النبي موسى عليه السلام وكان قد عصا الله أربعين سنة، ولما لم ينزل عليهم المطر أخبر الله نبيه أنه منع المطر عنهم بسبب رجل عاصٍ ولم يتب، وهي قصة معروفة للجميع، ولكن ما أثار عجبي هو رحمة الله به لما طلب الستر رغم طول فترة عصيانه، فستره الله وأنزل المطر، سترةُ فوق ستره له أربعين عاماً، وكأنه يخبرنا أن الستر حاجة ومطلب للإنسان، وهبة عظيمة من الله له. وكم نرى اليوم ما ينافي هذا الخلق في وسائل التواصل، وكيف أصبح الناس يتسابقون لنشر أخبار غيرهم، ونسوا تماماً أن ما تفعله يُرد إليك، وأنهم إذا ستروا فكأنهم غطوا أنفسهم بالستر قبل أن يغطوا به غيرهم، فالستر حقاً غطاء للإنسان قبل من يسترهم، وهذا من سُنّة الله في خلقه.