البعض ليس لهم من العلم إلّا حظٌ قليل، وانصرفوا لتفسير أحلام في شبكات التواصل الاجتماعي، يخلع عليهم كثير من الناس لقب (الشيخ)! لست هنا أنتقص من شخوصهم أو مما يقدمونه للناس، ولكن بكثرة تداول هذا المسمى في المجتمع العربي بأكمله دار في ذهني سؤال؛ من هو الشيخ؟ وما خطوات الوصول لهذا المسمى؟ وهل هنالك شيخ دين، وشيخ قبيلة، وشيخ طاعن في السن، أم أن خصائصهم واحدة؟، فمن المعلوم أنه يجب أن يكون لكل مسمى لقبي مصدر لغوي، فحين يلقّب الأمير بهذا اللقب يرجع المسمى للإمارة ثم للأمر، فهل مسمى (شيخ) متوافق مع من يلقبون به لغوياً؟ مسمى (الشيخ) يدل لغوياً على من وصل مرحلة الشيخوخة العمرية؛ كما ذكر ثلاث مرات في القرآن الكريم كانت جميعها تدل على مرحلة فوق الكهولة ودون الهرم يصاحب صاحبها الضعف وإدبار العافية؛ (وهذا بعلي شيخاً)، (إن له أباً شيخاً كبيراً)، (وأبونا شيخ كبير). ثم استخدم المسمى لأغراض دينيّة حيث يميّزون أصحابه بالعلم الشرعي، فأصبح اصطلاح الشيخ المعاصر هو كبير المقام، لا كبير العمر، بحيث إنه من كبر علمه أصبح شيخ علم، فقد شاخ في العلم، فإمام المسجد هو شيخ المسجد، وأستاذ المدرسة هو شيخ الفصل، فأبي شيخ منزلنا وغيرها، فهي تعني (المشيخة) على الشيء عامياً أي (الرئاسة) على مجموعة من الأفراد إن صح التعبير، فيقال نحن طلبة علم وشيخنا فلان ابن فلان؛ أي قائدهم الفكري الديني. ثم استخدم المسمى لأغراض مجتمعية تجعل من الشيوخ مرجعاً للأمور الاجتماعية، التي ليست من اختصاصهم، مثل أن يستشاروا في طرق المعاملات العائلية والصداقات وأسلوب الحياة وغيرها، وتكون النصيحة بإطار ديني، حيث يكون رأي الشيخ هو الأقدر بين الآراء الأخرى، حتى لو تعارض مع رأي مختص ملمّ بالحقيقة. هذا التداخل سبّب انقياداً تاماً لعقول من أسموهم (بالعامة) فيقولون إن هنالك (علماء، وطلبة علم، وعواماً)، وهذه تفرقة فكرية تجعل من الساذج مطيّة يركبها العالم وطالب العلم دينياً واجتماعياً وسياسياً، فالإسلام لا يعرف مراكز بألقاب دنيوية إلا لولي الأمر الذي جعل الله الاجتهاد خصيصة له لا يشاركه فيها أحد إلا بالشورى غير المعلنة، أما ألقاب الآخرة؛ فيقيس ذلك الله عز وجل بالتقوى.