إذا تحدث أبناء وأهالي العُلا عن النَخلة وأنوع التُمور، فمُحال ألا يتطرقوا إلى موروث «الشنة والمِجلاد»، فهما من الأوعية الهامة القَديمة التي يحفظ بها التمور لتدخر إلى أوقات الحاجة إليها. «المجلاد» المصنعة مادته من خوص النخل الجيد؛ توضع به أنواع متعددة من التمور يُطلق عليها «السائر». أما «الشنة» التي يكنز بها تمور «الحُلوة» بعد تنقيتها وتعريضها للشمس لاكتساب الليونة التي تسهل عملية الحشو، ولا يقطع من الشنة إلا بعد مضي ثلاثة أشُهر على الأقل من عملية الحشو، وبعدها الاستمتاع بمذاق جميل مُتسبك مع فناجين القهوة السعودية. قيمة الواحدة من «الشنة» التي بداخلها تمر «الحلوة» تصل إلى 400 ريال وأكثر، والشنة كثيراً ما يقدمها أبناء العُلا إكراماً لضيوفهم، وما زال البعض يولون الشنة الكثير من الاهتمام، ويحتفلون بها في مهرجان التمور الذي يقام في نهاية موسم الصيف سنوياً، بتنظيم من الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، فقبل أيام أسدل الستار على النسخة الرابعة من المهرجان وأقيمت على هامشه فعالية «الشّنة»، واختير له موقع مناسب لإقامته في وسط سوق المزارعين في حي المنشية، مما كان له الأثر الكبير في جذب آلاف المتسوقين من الزوار والسياح من داخل المملكة وخارجها، فكم كانت فرحة الجميع صغاراً وكباراً حتى الزوار وهم يُشاهدون كيف يقوم فريق الشنة بحفظ التمور أي «حشو» تمر نخلة الحلوة في القربة المصنوعة من جلود الأغنام والماعز بعد تنظيفها ودباغتها بطريقة منظمة لكي يسهل استخدامها. شكراً من القلب للهيئة الملكية لمحافظة العُلا وللمشاركين والقائمين على تنظيم المهرجان ولفريق «الشنة» على إقامة هذا الموروث والحفاظ عليه لإطلاع جيل اليوم على تراث الآباء والأجداد. الشاعر محمد القاضي كتب أبياتاً عن الشنة والمجلاد قال فيها: لو شِفت تِدعل في ضَما القَيض ترويه وازلالها عذب ولا شفت زيه يَا تمرنا المَشهُود شّنه ومجلاد يَطفي لهيب الجوع ويصد غيه.