أفراح هستيرية انطلقت من قلب الملعب.. وامتدت إلى حي الرحاب.. وسط ذهول سكان العروس، مما جعل البعض منهم يتساءل رغبة في معرفة الحدث الرياضي الكبير الذي جعل مجانين القلعة يزفون فريقهم من الجوهرة إلى شارع التحلية، يتراقصون بطريقة لا توازي حجم فرحة الصعود وبطولة يلو.. وعندما عرف السبب بطل العجب.. واتضح للسائلين أن فرحة الفوز على بطل روشن تفوق في حساباتهم الفوز ببطولة دوري المحترفين، الذي لم يحققوه سوى ثلاث مرات.. والمرة الأخيرة حدثت بعد حرمان 32 عاماً.. ومن هذا المنطلق.. لا بد لنا أن نرفق بالمجانين ولا نحاسبهم على لحظة فرح هي شغلهم الشاغل، وكانوا يترقبونها حتى يصبروا بها مدرجهم تعويضاً عن معاناة الحرمان.. خاصة وأنها جاءت بعد الفوز على بطل روشن وممثل الوطن عالمياً، ووجدوها فرصة يحاولون بها مسح ذاكرة يلو، التي تصيبهم بنوبة من الخجل وتفقدهم الوعي.. وتحقق لهم ذلك بمباركة النونو ونموره، الذين كانوا السبب في إسعادهم.. وقدموا لهم أفضل جلسة علاج أعادت لهم نبض الحياة وأشعلت مصابيح القلعة.. وشرعت أبوابها وخرج الفرسان من حصونهم.. وانتشروا في المنابر والمواقع ونفضوا غبار سيوفهم وأقلامهم.. وتناسوا حالات الحزن والتباكي وعبارات الاستعطاف والتوبة والندم.. وكأن شيئاً لم يكن. وفاقوا من الصدمة التي أدخلتهم في حالة فقدان وعي عميقة استمرت طيلة موسم يلو، حتى إن البعض منهم فقد الإحساس بالبيئة المحيطة به.. والبعض كان في حالة سبات.. لا يتأثرون ولا يؤثرون.. ومنهم من اختلطت لديه مشاعر الحزن بمشاعر الغبن.. وفقدوا التمييز بين الألوان والروح والانتماء.. تحت ضغوط نفسية قادتهم إلى البحث عن بديل.. ووصل الحال بهم إلى أن يأكلوا مع كل ذئب ويبكوا مع كل راعٍ.. وعلى الرغم من ذلك، إلا أن وظائفهم العضوية كانت تعمل بشكل تلقائي.. وكانوا فقط يحتاجون إلى صدمة عكسية تعيدهم تدريجياً إلى حالتهم الطبيعية.. وجاء هذا الفوز كأفضل وصفة مجانية.. ولكن للأسف لم يتعظ البعض منهم وعادوا إلى ممارسة الأساليب القديمة من تنمر وإسقاطات وإساءات وكبرياء مصطنع وطمس حقائق.. لم يعتبروا مما حدث.. ورجع الكتان زي ما كان.. هذه كانت قصة أشهر حالات الشفاء بالصدمة في الوسط الرياضي..