لا تزال الأدوية الجديدة لإنقاص الوزن تثير الاهتمام بلا انقطاع، منذ سرقتها الأضواء بصور نجمات هوليوود اللاتي أفدن منها، بالتخلص من وزن ظل عبئاً على حياتهن المهنية منذ سنوات. وبعد أشهر من ظهور إبر «ويغوفي» و«أوزيمبك»؛ تضاعف عدد الشركات الراغبة في اجتياح سوق أدوية إنقاص الوزن، التي قدر حجمها بأكثر من 100 مليار دولار بحلول سنة 2030. وكالعادة مع ظهور كل دواء جديد يتحسس كثيرون مما إذا كان مأموناً وناجعاً في آنٍ واحد. وقالت شركة نوفو نورديسك الدوائية الدنماركية التي صنعت هاتين الإبرتيْن السحريتيْن إنه قد تترتب على الاستخدام تأثيرات جانبية تشمل: الغثيان، والقيء، والصداع، والإسهال، والإمساك، ووجع البطن، والتعب. ومع أن كثيرين وكثيرات ممن يعتبرون معركتهم مع تخفيض أوزانهم معركة حياة أو موت أقبلوا على هذه الأدوية الجديدة صابرين على كل ما قد ينجم عن استخدامها؛ إلا أن كثيرين وكثيرات قرروا التخلي عنها، ومنهم الأمريكية ريبيكا فوغت، التي شكت من أنها ظلت تشعر بغثيان مخيف طوال أشهر تناولها عقار «ويغوفي»؛ فقررت التوقف عن تعاطيه تماماً. لكنها قالت ل«رويترز» إنها استعادت ال12 كيلوغراماً التي خسرتها بفضل هذا الدواء بعد بضعة أشهر من كفها عن تناوله. بيد أن ذلك لا يعني بأية حال تضاؤل شعبية «ويغوفي». فقد حذرت هيئة الغذاء والدواء، التي وافقت على استخدام هذا الدواء، من أن 44% ممن يتعاطون هذه الإبرة الأسبوعية عانوا من الغثيان. كما أن 30% ممن تعاطوه عانوا من التقيؤ. ولذلك فإن عدداً من شركات الأدوية الأمريكية والأوروبية يحاولون إيجاد بديل لا يعاني من يتعاطونه أي مضاعفات جانبية. وذكر بنك ستايفل الاستثماري الأمريكي، الذي دأب على إصدار تقرير في مارس ويوليو عن أسواق علاجات السمنة، إن أكثر من 10 شركات صغيرة وخاصة تعكف على تطوير دواء يمتلك قدرة «ويغوفي» على إنقاص الوزن، ولكنه لا ينطوي على أي تأثيرات جانبية. وأشارت «رويترز»، التي أجرت مقابلات مع ثلاثة من المسؤولين التنفيذيين في تلك الشركات، إلى أن الأدوية التجريبية الجاري تطويرها تعمل بطريقة مختلفة عن عقار ويغوفي، الذي يوظف هرمون GLP-1 لسدّ الشهية. ولذلك يبدو أن العقاقير الجديدة ستخلو من المضاعفات التي تشمل الغثيان. وأضافت أن تلك الشركات ظل بعضها يعكف على تطوير أدويته الجديدة منذ سنوات. وتعمل شركة ريفوس فارماسوتيكالز الأمريكية على تطوير دواء يقوم بالإخلال بمتقدِّرات الجسم Mitochondriae، ما يؤثر في استهلاك الطاقة في الجسم، بحيث يمكن لمن يتعاطى هذا الدواء أن يفقد وزناً مماثلاً لقدر الطعام الذي استهلكه. وتقول مجموعة إيلي ليللي الدوائية الأمريكية إن دواءها لإنقاص الوزن المسمى «مونجارو»، الذي يتوقع أن يحصل على موافقة هيئة الغذاء والدواء بحلول نهاية 2023، أسفر عن خفض الوزن بنحو 22.5%، مستخدما الآلية نفسها لدى «ويغوفي»، الذي يمكن أن يخفض الوزن بنحو 15%. وأعلنت شركات نوفو نورديسك، وفايزر، وايلي ليللي أنها تعمل على تطوير جيل جديد من أدوية إنقاص الوزن، تكون في هيئة أقراص، على أن تسفر عن خفض الوزن بنسبة أكبر. غير أن مشكلة هذه العقاقير تتمثل في أنها تتسبب في الغثيان والإسهال والإمساك وغيرها من التأثيرات الجانبية، بحسب بيانات المرحلة الثانية من التجارب السريرية، التي نشرت في مايو 2023. وتقول شركة ريفوس فارماسوتيكالز، إنها وفرت تمويلاً بحدود 132 مليون دولار لتطوير دوائها الجديد (HU6)، بحيث يخفض الوزن بقدر أكبر مقارنة بالعقاقير الحالية التي تستخدم GLP-1، من دون تأثير في كتلة الجسم، ومن دون غثيان. وأضافت أنها تتوقع إجراء تجربتين أخريين السنة القادمة. وأعلنت شركة غلايسيند ثيرابيوتكس الأمريكية أنها أجرت تجربة أولية على دواء فعال لإنقاص الوزن. وذكرت أن التجربة الأولية أكدت أن دواءها يمكن تحمله من دون تأثيرات تذكر. وزادت: ظهر غثيان خفيف اختفى في اليوم التالي. هل تتسبب «إبر التخسيس» في دوافع «الانتحار»؟ نقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن مسؤولي وكالة الأدوية التابعة للاتحاد الأوروبي قولهم إنهم يقومون بمراجعة بعض حُقَن تخسيس الوزن بعدما تلقت بلاغات من مستخدمين بأنهم راودتهم فكرة الانتحار، ومن آخرين قالوا إنهم فكروا في إيذاء أنفسهم. وأوضحوا أنهم تلقوا ثلاثة بلاغات من هذا النوع من آيسلندا. وأضافوا أنهم سيعيدون تقويم عقاريْ ويغوفي وساكسيندا وأدوية مماثلة، منها أوزيمبك. وأشارت «بي بي سي» إلى أن النشرة المرفقة مع تلك العقاقير تشير إلى أن من تأثيراتها الجانبية المحتملة أن تراود المستخدم أفكار انتحارية. وستقرر لجنة الوكالة المكلفة بتقويم مخاطر استهلاك الأدوية ما إن كان الأمر يتطلب إعادة تقويم جميع العقاقير التي تستخدم GLP-1. وأوضح المسؤولون الرقابيون الأوروبيون أن البلاغات الواردة من آيسلندا تشمل بلاغين عن شخصين استخدما دواء ساكسيندا، فراودتهما فكرة الإقدام على الانتحار؛ فيما شعر صاحب البلاغ الثالث بالشعور نفسه بعد تعاطيه عقار أوزيمبك. وذكر بلاغ آخر أن شخصاً فكر في إلحاق الأذى بنفسه بعد تعاطيه عقار ساكسيندا، وهو دواء ابتكرته شركة نوفو نورديسك منذ سنوات لخفض الوزن. ويذكر أن ساكسيندا وويغوفي مرخص باستخدامهما لتخسيس الوزن. أما عقار أوزيمبك فهو لعلاج السكري من النوع الثاني، وإنقاص الوزن أيضاً. وأدى انبهار الأمريكيين بنجمات هوليوود اللاتي غدون أكثر رشاقة بعد استخدام أوزيمبك إلى زيادة الإقبال على شرائه، ما أدى إلى نقص كبير في المعروض منه. وتنص نشرة الاستخدام المرفقة في عبوة الدواء على «أنك يجب أن تهتم بأي تغيرات ذهنية، خصوصاً حدوث تغيرات مفاجئة في مزاجك، أو تصرفاتك، أو أفكارك، أو مشاعرك. اتصل فوراً بمقدم الرعاية الصحية إذا حدثت لك أي تغيرات ذهنية جديدة، أو سيئة، أو تثير قلقك». وأعلنت نوفو نورديسك أنها تعمل من كثب مع وكالة الأدوية الأوروبية لدرس هذه البلاغات. وشددت على أن أدويتها التي تستخدم مادة سيماغلوتايد ظلت تستخدم في علاج السكري من النوع الثاني منذ أكثر من 15 سنة. كما أنها تستخدم في علاج السمنة منذ ثماني سنوات. وأشارت إلى بيانات التجارب السريرية ومراقبة ما بعد التسويق لم تظهر أية صلة بين هذه الأدوية والدوافع الانتحارية. وشددت نوفو نورديسك على أنها لن يهدأ لها بال حتى تضمن سلامة المرضى. وأعلنت كبيرة مسؤولي السلامة في وكالة الأدوية البريطانية الدكتورة أليسون كايف أن مراقبة المضاعفات الجانبية للعقاقير تأتي في صدارة أولوياتها. أدوية التخسيس.. مقارنة بين الكلفة والفعالية • المكون: سيماغلوتايد. الاسم التجاري: ويغوفي وأوزيمبك. حقنة يتم الخضوع لها مرة كل أسبوع. صممت أصلاً لمعالجة النوع الثاني من داء السكري. واتضح أن لها تأثيراً مباشراً في خفض الوزن. تمت الموافقة عليها من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في 2021. وتعكف الشركة الصانعة (نوفو نورديسك) على صنع قرص من الدواء نفسه. وتشير البيانات الأولية إلى أن هذا القرص ليس أقل فعالية من الإبرة. وكانت بيانات التجارب السريرية قد أكدت أن استخدام ويغوفي أو أوزيمبك على مدى 68 أسبوعاً سيؤدي إلى خفض الوزن بنسبة 15%. ويتسبب هذان العقاران في أعراض جانبية، منها الغثيان، والتقيؤ، والإسهال، والإمساك. وأدى النقص في إنتاج هذه الأدوية إلى ظهور أدوية مقلّدة لها. ويكلف هذان الدواءان 936 دولاراً شهرياً بالنسبة إلى ويغوفي، و1349 دولاراً شهرياً لأوزيمبك. • المكون: تيرزيباتايد. الاسم التجاري: مونجارو. ابتكرته شركة ايلي ليللي، وحصل على ترخيص هيئة الغذاء والدواء في 2022، باعتباره دواء لعلاج السكري. وتنتظر الشركة الحصول على مصادقة هيئة الغذاء والدواء لتسويقه باعتباره دواء ناجعاً لإنقاص الوزن. وأظهرت بيانات تجربة سريرية أنه قادر على خفض الوزن بنسبة 20%، بمتوسط يبلغ 23.5 كيلوغرام إن استخدم بانتظام على مدى 16 شهراً. ومن تأثيراته الجانبية بعض الأوجاع في المعدة والمصران، لكنها ليست خطيرة. ويكلف مونجارو 1023 دولاراً شهرياً. • المكون: ليراغلوتايد. الاسم التجاري: فيكتروزا، وساكسيندا. ابتكرتهما شركة نوفو نورديسك الدنماركية. وحصلت على الموافقة عليهما في 2010 لعلاج السكري، وفي 2014 لتخسيس وزن الجسم. ويتعين استخدامهما بواقع إبرة تُحقن يومياً. وتلقت السلطات الرقابية بلاغات بشأن تسببهما في مضاعفات تثير القلق، منها تضرر البنكرياس، وحصوات المثانة، وفي حالات نادرة الإصابة بالاكتئاب الشديد، والأرق المتواصل. ويباع دواء ساكسيندا ب1349 دولاراً شهرياً. • المكون: ريتاتروتايد. أحدث عقار من أدوية التخسيس، بانتظار موافقة هيئة الغذاء والدواء عليه. وهو مصنوع في هيئة إبرة تستخدم أسبوعياً. ويخضع للمرحلة الثالثة من تجربته السريرية. وقد ابتكرته شركة إيلي ليللي الأمريكية. وأشارت أحدث بيانات نشرت في 26 يونيو الماضي في مجلة نيو إنغلاند الطبية الأمريكية إلى أن استخدام الجرعة الأكبر منه بواقع مرة أسبوعياً لمدة 48 أسبوعاً أدى إلى تخسيس الوزن بنسبة 24.2%. ولم تعلن أسعاره بعد. "تحذير" من جهتها، حذرت الجمعية الأمريكية لأطباء التخدير الأسبوع الماضي من أنه يتعين على المرضى المقبلين على جراحات ألا يكتفوا بالصوم قبل الجراحة، لمنع تسرب الأكل إلى الرئتين، ليتسبب في التهابات خطيرة. وقالت، في بيان، إن الصوم وحده ليس كافياً بالنسبة إلى المرضى الذين يتعاطون أوزيمبك وويغوفي. وزادت أنه يتعين عليهم التوقف تماماً عن استخدام هذا الدواء قبل الخضوع لمبضع الجراح. وعلى رغم محدودية البيانات بهذا الشأن، نظراً إلى حداثة هذه العقاقير، فإن ثمة مخاوف من أن تأخير إفراغ المعدة، الناجم عن تعاطي هذه الأدوية، يمكن أن يزود خطر الارتجاع، وتسلله إلى الرئتين أثناء خضوع المريض للتخدير. ونصحت الجمعية بأن يتوقف المريض الذي تقرر إخضاعه لجراحة عاجلة عن تناول دواء التخسيس ليوم الجراحة، إذا كان يتعاطى جرعته يومياً؛ وأن يتوقف عن الجرعة الأسبوعية قبل الجراحة بأسبوع.