في ظل الدويّ الكبير الذي أثاره ظهور عقاقير ذُكر أنها ناجعة في خفض الوزن، لدى المصابين بالسمنة، والبدانة، مثل «أوزيمبك»، و«مونجارو»، و«ويغوفي»؛ افتتن الأمريكيون بدواء عشبي يُزعم أنه «أوزيمبك طبيعي»، يؤدي الغرض نفسه؛ بل يساعد في تخفيف عدد كبير من الحالات الصحية، وهو «الباربارين»؛ الذي يوجد في الصيدليات ومحلات الأعشاب الطبية باعتباره إضافة طبيعية لتحقيق الأغراض المنشودة منها. وسرت في مواقع التواصل الاجتماعي حُمى الحديث عن الباربارين، الذي يزعم رواد تلك المواقع، والنجوم المؤثرون فيها أنه يمكن أن يحسّن الحساسية ضد الإنسولين، ويخفض سكر الدم، ويقوم بإنقاص الوزن الذي استعصى على صاحبه. وبرز وسم «الباربارين حصل على أكثر من 60 مليون مشاهدة على موقع تيك توك»، ليؤكد أن كثيرين يبحثون عن بدائل لأدوية إنقاص الوزن الجديد، ليس لسبب سوى ارتفاع كلفتها من الناحية المالية. وعلى رغم تقدير العلماء لرغبة الناس في الحصول على بديل طبيعي للعقاقير الكيميائية؛ إلا أن نجوم تيك توك يسهبون في تعديد فوائد الباربارين، لم تؤكدها هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وليست ثمة أدلة علمية على تلك المزاعم. يستخلص الباربارين من بعض الأعشاب، مثل عنب ولاية أوريغون، وشجرة الكركم، والخيط الذهبي. وعلى النقيض من الفيتامينات والمعدنيات لا يوجد الباربارين في الأغذية العادية الشائعة. لذلك يمكن استخدامه باعتباره مادة مضافة إلى النظام الغذائي. وهو مستخلص معروف منذ آلاف السنوات في الصين والهند. وأكدت دراسات أجريت خلال السنوات الماضية جدوى الباربارين في خفض سكر الدم، وتهدئة الالتهابات، وتقليص مخاطر الإصابة بالسرطان. وقال استشاري السمنة والطب الباطني الدكتور تشارلي سيلتزر: إن الباربارين يقوم بخفض مستوى السكر في الدم من خلال زيادة السكر الذي تأخذه خلايا العضلات، بغض النظر عن وضع الإنسولين في الجسم. وأضاف أن الباربارين يقوم بتفعيل إنزيم يسمى AMPK، الذي قد تكون له قدرة على منع الشرطان، وتأخير الشيخوخة. ويتوافر البابارين في هيئة مسحوق، وفي شكل كبسولات، وتراوح الجرعة منه بين 500 و1500 ميلليغرام. وفي كل الحالات ينصح الخبراء بضرورة استشارة الطبيب قبل الإقدام على تناول الباربارين. وفيما يزعم نجوم تيك توك أن البابارين هو «أوزيمبك طبيعي» لعلاج السكري والسمنة؛ يتمسك العلماء والأطباء بأنه لا بد من معرفة إن كانت فوائده حقيقية فعلياً. وإذا كان الأمر كذلك، فكيف تمكن مقارنته بأدوية السمنة الجديدة القائمة على مادة سيماغلوتايد. ويجمع الخبراء على أن البابارين يمكن أن يكون مفيداً لبعض الناس، وليس كلهم. فقد اتضح أنه فعال جداً في خفض السكر في حالة الصيام، وزيادة مستوى الإنسولين، وخفض مستويات السكر بعد الأكل. ويرفض علماء وصف الباربارين بأنه عشبة؛ إذ إنه مادة كيميائية، يُمكن العثور عليها في أنواع مختلفة من النباتات، مثل؛ البربريس الأوروبي، وخاتم الذهب، وخيط الذهب، وعنب أوريغون، والكركم. ويمتاز بلونه الأصفر، لذلك يستخدم في الصبغات. وأظهرت دراسات أنّ الباربارين يمكن أن يقلل بشكل كبير من مستويات السكر في الدم لدى المصابين بمرض السكري من النوع الثاني. ووفقاً لمراجعة كبيرة ل14 دراسة، فإنّ الباربارين يمتلك فعالية مشابهة لأدوية السكري، مثل الميتفورمين، والغليبيزايد، والروسيغليتازون. ووفقاً لمراجعة 11 دراسة، فإنّ الباربارين يقلل مستوى الكولسترول الكلي، والكولسترول المنخفض الكثافة الضار، والدهون الثلاثية في الدم. ويُساعد الباربارين في خفض ضغط الدم الانقباضي والانبساطي، خصوصاً إذا تم تناوله بجرعة تبلغ 0.9 ميلليغرام مع عقار أملوديبين الخافض لضغط الدم. وفي دراسة استمرت 12 أسبوعاً على الذين يعانون السمنة المفرطة، تسبب تناول 500 ملليغرام من الباربارين 3 مرات يومياً في فقدان الوزن، وفقدان نسبة من الدهون في الجسم. وأشارت أبحاث إلى أن الباربارين يمكن أن يقلل من بعض الأعراض المُصاحبة لمرض فشل القلب، ويخفض معدل الوفيات لدى بعض المصابين بفشل القلب الاحتقاني. وأظهرت أبحاث أخرى أن تناول الباربارين مرتين يومياً لمدة 8 أسابيع، قد يقلل آلام المعدة لدى المصابين بمتلازمة القولون العصبي. ويمكن استهلاك الباربارين من قِبل البالغين بشكل عام دون قلق من أضراره. وقد استخدمت معظم الدراسات جرعة تراوح من 1000 إلى 1500 ملليغرام يومياً، ويفضل تقسيمها إلى جرعات، للحفاظ على مستوى ثابت من المستخلص في الجسم، وتجب استشارة الطبيب قبل استخدامه، إذ قد يسبب ظهور بعض الأعراض الجانبية، مثل اضطرابات المعدة، أو الإمساك، أو الغثيان، أو الطفح الجلدي، أو الصداع. غير أن تناول الباربارين خلال فترة الحمل يعتبر ضاراً، إذ يمكن أن ينتقل للمشيمة، ويسبب مرض اليرقان لدى الجنين، الذي يؤدي إلى تلف دماغ الأطفال الحديثي الولادة. كما أن استخدامه ضار خلال فترة الرضاعة. ويمكن أن يكون الباربارين مفيدًا كمُكَمِّل لإنقاص الوزن أيضاً. ونظرت دراستان في تأثيره على الوزن. واستمرت إحداهما 12 أسبوعاً على أشخاص يعانون السمنة المفرطة، فأدى تناول 500 ميلليغرام ثلاث مرات يومياً إلى فقدان وزن إجمالي بمقدار 2.27 كيلوغرام. والفرق الجوهري بين الباربارين وعقار أوزيمبك، الذي يقوم على مادة سيماغلوتايد، أن الأخير يساعد البنكرياس على إطلاق القدر المحدد من الإنسولين عندما يرتفع مستوى السكر في الدم. كما يقوم سيماغلوتايد بإبطاء حركة الغذاء عند مروره بالمعدة، ما يؤدي إلى تقليص الشهية. وهو ما يؤدي، بدوره، إلى انخفاض الوزن. ويرى علماء أنه لا توجد دراسة يمكن أن يُعتمد عليها لمقارنة فوائد الباربارين وأوزيمبك. ويرى آخرون أنه على رغم جدوى الباربارين في خفض مستوى سكر الدم؛ إلا أنه ينبغي الحذر من أنه قد لا تكون له التأثيرات نفسها في الوزن التي يمتاز بها عقار أوزيمبك. وقال الدكتور سيلتزر إن الباربارين لا يملك خصائص إنقاص الوزن المتوافرة في دواء أوزيمبك، لسبب بسيط وهو خلو الباربارين من القدرة على كبح الشهية التي تتوافر في أوزيمبك. ويحذر العلماء من مغبة أخذ جرعة كبيرة من الباربارين، لأنه ثبت أنها يمكن أن تتسبب في الإسهال، والغازات، والغثيان، والإمساك. كما أن خاصيته المتعلقة بخفض ضغط الدم قد تؤدي إلى انخفاض خطير في ضغط الدم. ولأنه يستطيع، أيضاً، خفض مستوى السكر في الدم، فهو يمكن أن يتسبب في هبوط خطير في سكر الدم. والخلاصة أن الخبراء الصحيين يجمعون على أنه لا بأس من تناول الباربارين، المتوافر في الصيدليات من دون وصفة طبية. لكن ذلك يجب أن يتم باستشارة طبيبك الخاص. فهو ليس بديلاً من الأدوية مثل أوزيمبك. كما أنه ليس دواء آخر مثل سيماغلوتايد. أوزيمبك قادر على معالجة اضطراب «الأكل بشراهة» ذكر تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» أخيراً، أن العلماء توصلوا إلى أن الأدوية القادرة على خفض الوزن؛ مثل أوزيمبك ومونجارو وويغوفي، قادرة أيضاً على معالجة اضطرابات الأكل، خصوصاً الأكل بشراهة وإفراط. فقد اتضح أن هذه الأدوية تتضمن هرمون GLP-1، الذي ينفذ إلى مركز الشهية في الدماغ والمصران، ما يساعد المرضى على فقدان ما قد يصل إلى 15% من الوزن. وأشارت دراسات وتجارب أطباء يعملون في هذا المجال أن من شأن هذه الأدوية أن تعالج مسألة الأكل بشراهة؛ إذ إنها تجعل متعاطيها يشعر بامتلاء بطنه سريعاً، ما يساعده على التحكم في الشهية المفرطة، التي تجعله راغباً في الأكل أطول فترة ممكنة. ومن الجوانب التي يجب أن يعرفها كل شخص أن أية فوائد من هذه العقاقير ستختفي في اللحظة التي يقرر فيها الشخص التوقف عن تناولها. ويرى العلماء أنه على رغم الفوائد المؤكدة لهذه الفصيلة من الأدوية؛ فإنه لا توجد دراسات أو بيانات تؤكد قدرتها على معالجة اضطراب الأكل بشراهة، وما يعرف بالبوليميا. وتقول الجمعية الأمريكية لاضطرابات الأكل إن نحو عُشر الأمريكيين سيعانون من أحد اضطرابات الأكل في مرحلة من حياتهم، وأكثرها شيوعاً إقبالهم على الأكل بشراهة لا تعرف حدوداً.