«القِيَم» في اللغة: قَيَّم الشيء، أي: قدَّره وأعطاه قيمة.. وفي التربية: المعايير الأخلاقية لترشيد الأبناء وتقويم معتقداتهم وصولاً إلى المُثُل العليا لبناء الذات والمجتمع.. أما في الواقع الرقمي؛ فتعتمد على عامل ضبط النفس وتوجيهها لمنفعة المجتمع في الجوانب: الثقافية والاجتماعية والأمنية والصحية والقانونية.. وتشمل جانبين: الأول: «الجانب العاطفي» وهو العامل المعنوي الذي يختص بالاحترام، والتسامح، والاعتذار، والمحبة، والتحية، والإنصات، والتعاطف، والمحادثة. الثاني: «الجانب الفكري» مثل: التعاون، والتفاوض، والحفاظ على البيئة، والمبادرة، واحترام الوطن، والهوية، والثقافة، والمشاركة المجتمعية، واحترام حقوق الآخرين. وثمة سؤال يفرض نفسه: هل تختلف القيم الافتراضية عن الواقعية؟ والإجابة ببساطة: إن «القِيَم» كمعايير أخلاقية ثوابت لا تختلف، ولكن الاختلاف يكمن في أن العالم الرقمي يدعو إلى الفردية والسلبية ويضعف من قيمة التواصل الحقيقي، وبالتالي انخفاض في المعايير الأخلاقية والقيمية بشكل أكثر راحة لانعدام المواجهة المباشرة، والذي يزيد من هذه السلبية هي الحرية في إظهار الهوية أو إخفائها، لذلك قد تكون حرية الرأي حرية مفرطة، وبالتربية والتوجيه على إدارة الذات نستطيع تربية أبنائنا للمحافظة على قيم العالم الرقمي. وهناك علاقة طردية؛ كلما كان هناك قدرة على الانضباط الذاتي كان هناك تطبيق ضمني وعملي لتطبيق المعايير والقيم الرقمية أو الواقعية، إذ يؤكد العالم «Rood»، على أن «تطوير المهارات الإدارة الذاتية تبدأ من مرحلة الطفولة وتستمر معه مدى الحياة»، ويتم ذلك من خلال أمور عدة: أولاً: تحفيزهم أن يظهروا في العالم الرقمي بهويتهم الحقيقية، فهذا يجعلهم أكثر مصداقية و مسؤولية. ثانياً: تحفيزهم من خلال ظهورهم في العالم الرقمي أن يؤثروا بمعلومة أو فكرة. ثالثاً: إدارة الوقت في العالم الرقمي تحتاج إلى ضبط وبناء عادة. رابعاً: توعيتهم إلى حالات الإيذاء، والتنمر وضرورة التوجه إلى من هم أكبر منهم لحل المشكلة. خامساً: تنبيههم إلى عدم الثقة بالغرباء. سادساً: حثهم على التسامح والرحمة والاحتواء والتقبل والتعايش. في ذلك يقول الماوردي، عن القيم والأخلاق، إنها «غرائز كامنة تظهر بالاختيار، وتُقهر بالاضطرار»، أي إن التربية القيمية تحتاج إلى أدوات داخلية وعلى رأسها قوة الإرادة، وتحتاج إلى جانب كبير من القدرة والسيطرة. أخيراً.. أشكر منصة «Thik Tech» (إحدى مبادرات وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات)، لمنحي مساحة خاصة للحديث عن أهمية نشر الوعي لدى المربي في ما يخص التربية على «القيم الرقمية».