يتذكر «الهلالاب السودانيون» قلب دفاع فريقهم، الجسور «فوزي المرضي»، إذ ظلت كل هجمات المنافسين تتحطم عند قدميه فلقبوه ب«فوزي الأسد». لا شيء يعبر إلى خط مرماه فالهجمة الوحيدة التي عبرته وتعثر في إفسادها تلك الرصاصة المجنونة التي اخترقت قلب وحيدته الطبيبة «آلاء»، إذ جاءت القذيفة هذه المرة -على خلاف العادة- من نيران صديقة انطلقت لا المستطيل الأخضر بل من مستطيل دامٍ متوحش، من فوهة بندقية «إخوة أعداء» أحالوا نهار السودان إلى ليل داهم حالك السواد فتبعثر أهله في كل واد بين لاجئ ومشرد وباحث عن مهجر. وعن بسالة فوزي الأسد نجم الهلال، تروى سفر الكرة السودانية في أيام مجدها الآفل وقوفه سدا منيعا كآخر خط دفاع للمنتخب أمام أعتى المهاجمين، طارق ذياب ومحمود الخطيب، ويذكر رواد الملاعب في أوائل ثمانينات القرن الماضي مواجهة المنتخبين السوداني والمصري في إحدى مباريات الكأس الأفريقية «والمباراة الخاصة» التي جمعت بين بيبو وفوزي فخرج الأول مصابا بكسر إثر التحام ثنائي، حين حاول متعصبون تجيير ما حدث إلى فعل عمدي، خرج الكابتن الخطيب يبرئ ساحة خصمه الطيب صاحب القلب الكبير، الذي خضع لأكثر من مرة إلى جراحة مفتوحة، خرج منها متعافيا ثم توقف نبض الفؤاد أسى وحزنا بعد أيام من مقتل ابنته الطبيبة برصاص الأخوة الفرقاء. ثمة أمل يشع من جدة السعودية بتوقف الحرب العبثية -كما يصفها المتقاتلان- هل يستجيب الفرقاء لنداء الحكمة وإعمال صوت العقل في المفاوضات التي تستضيفها هذه الأيام عروس البحر الأحمر؟ ما عاد السودانيون في حاجة إلى مزيد من الدماء إلى مزيد من الدموع.. فالحزن لا يتخير بين أسد هصور وحمامة سلام.. بين أب حانٍ ينتظر قدوم صغاره وأم جزعة تحمي أطفالها من طائشة دخيلة تخترق النافذة لتصيب القلب. ببساطة الحزن لا يتخير الناس في سودان الحرب المميتة كي يسمى في القواميس بكاء.