يخوض رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، صراعاً صامتاً مع (الإطار التنسيقي) بسبب ما يعتبره التحالف المهيمن على البرلمان مخالفة لشروط اختياره لرئاسة الحكومة. السوداني يقود الحكومة وفق رؤية مختلفة لما حدده له (الإطار) الذي رشحه للموقع بعد أن اكتشف تعامل بعض قيادات (التنسيقي) على أنه موظف لديهم، ما دفع تلك القيادات إلى الشروع في حملة سياسية من وراء الكواليس ضد السوداني. ويتتبع التحالف تحركات رئيس الوزراء في الداخل وعلى مستوى السياسة الخارجية، حيث كان ينظر إلى الأخير على أنه «فقير دولياً» لأنه يعمل ضد رغبة هذا التحالف. تحرك «التنسيقي» ضد السوداني جاء بعد تحركات الرجل المتحفظ على بعض بنود قانون (سانت ليغو) الانتخابي، إذ بات السوداني من جهة والمستقلون من جهة أخرى يقلقون (تحالف الإطار)؛ جراء ضغط رئيس الوزراء على إقرار مواد في قانون الانتخاب من شأنها عودة المستقلين بتحالف أوسع، والأخطر أن يكون مع الصدر. وعبرت مصادر داخل (التنسيقي) ل«عكاظ» عن مخاوفها تجاه تحركات رئيس الوزراء التي لا توحي بأنه ممثل عن (الإطار) أو جزء منه. يذكر أن السوداني استقال في 2019 من حزب الدعوة، وكان وقتها يتوقع أن يكون بديلاً لرئيس الحكومة عادل عبدالمهدي في وقتها، واعتبر اختياره في يوليو الماضي، مرشحاً عن (التنسيقي) لرئاسة الحكومة مفاجأة للجميع، خصوصاً أنه كان قد خاض الانتخابات بقائمة منفردة لأول مرة. وكان ينظر إلى السوداني في البداية على أنه مقرب من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بحسب ما جاء في تغريدات صالح العراقي المقرب من مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري في الصيف الماضي. لكن بعد ذلك اشتكى المالكي أكثر من مرة من إدارة رئيس الحكومة، خصوصاً في قضية استبدال المحافظين وسكوته عن تدخل عصائب أهل الحق (قيس الخزعلي) في وزارة النفط التي هي من حصة الأول. وحسب السوداني على خلفية تلك الأحداث على أنه قريب من الخزعلي، بعد أن صوب الأخير سهامه ضد رئيس الحكومة، ما اعتبر بأنه تذكير للسوداني بأنه ينفذ سياسة (الإطار) وعليه ألا ينسى ذلك. سياسي سني تحالف حزبه مع الإطار التنسيقي، قال في جلسات جرت في بغداد قبل عدة أشهر: لا يبدو السوداني ممثلاً ل«الإطار». ويضيف: «رئيس الوزراء قال لنا في مكتب الحزب إنه جاء على قمة ترتيبات تحاصصية (طائفية) لكنه يؤمن بمنطق الدولة». لكن قيادات مقربة من تحالف التنسيقي قالت لقد أخطأ (الإطار) بأنه اختبأ خلف السوداني في القضايا الدولية، خصوصاً العلاقة مع أمريكا التي أظهرت أن الأول بطل تلك السياسات. لكن أكثر ما أزعج (التنسيقي) تمثل في فتح السوداني قنوات اتصال مع التيار الصدري؛ الذي لا يزال زعيمه مقتدى الصدر ملتزماً بالصمت السياسي منذ أكثر من 6 أشهر، فيما يتوقع الجميع تدخله خصوصاً في قضية قانون الانتخابات (سانت ليغو). وتشير القراءات الأولية إلى أن قانون الانتخابات الجديد قد لا يؤثر كثيراً على حصة الصدريين في الانتخابات القادمة، لكنه لن يحقق فرضية الأغلبية السياسية التي يتبناها الصدر، وقد يضطر زعيم التيار، فيما لو قرر المشاركة في الانتخابات، أن يتحالف مع أحزاب أخرى، وهو ضد ما يطرحه على الأقل مقربون من الصدر بتشكيل حكومات محلية ذات أغلبية صدرية. وتذهب أغلب آراء أحزاب الإطار التنسيقي إلى تشكيل تحالفات منفردة أو متوسطة بمناطق الوسط والجنوب، وهو ما يفكر فيه ائتلاف المالكي (دولة القانون)، وهادي العامري (الفتح)، وقد يتوسع التحالف في المدن الغربية. بالمقابل، فإن الفكرة ذاتها تراود النواب المستقلين، التي قد تكون قضية تمرير (سانت ليغو) بالصيغة الأخيرة فرصة لهذه المجموعة أن تتوحد بعد أن فشلت في ذلك عدة مرات، أو قد يتفقون مع الصدر في تحالف جديد. وتبدو هذه الفرضية مقلقة للإطار التنسيقي، الذي يعتقد مراقبون أنه أصر على (سانت ليغو) ليحصل على 4 سنوات قادمة مريحة (في الانتخابات التشريعية القادمة) دون إزعاج المستقلين.