هناك مقولة مشهورة لأحد العلماء تقول: «أكبر هدية يقدمها الوالدان لأطفالهما خلوهم من الأمراض النفسية»، لذلك أصعب حالة يواجهها الطفل أن ينشأ مع أمٍّ قلقة تمنعه بشكل غير مباشر من العيش بحالة من الصفاء والاتزان والراحة؛ مستمتعاً بخبراته، تواقاً للبحث والاكتشاف. الأطفال بطبيعة خصائصهم العُمُرية لديهم طريقة في التعلم ترتبط ب«التكييف الفعال»؛ بمعنى إذا أنجز مهمة متوافقة مع إمكاناته يحتاج لمكافآت وعبارات إيجابية تحفيزية تدفعه لتكرار هذا السلوك، ولكن مع الأسف الأم القلقة يصعب عليها تقديم هذا الدعم بسبب أفكارها المشوشة اتجاه المستقبل، وبالتالي فجوة كبيرة بين السلوك والنتيجة، مما يؤدي لحدوث أزمة عاطفية تميل للسلبية. «القلق» حالة يكتسبها الطفل ويتعلمها من محيطه الأولي مرتبط بالجانب البيولوجي النفسي، إلا أن هذه الحالة إذا لم تعالج ستستمر معه سنواتٍ متقدمة من عُمُره وستحدد شخصيته نحو ذاته ونحو الحياة. لذلك؛ يؤكد العلماء أن الأطفال القلقين هم أبناء أمهات قلقات، وهذا الأمر يؤثر في خبرات الطفل التي يكتسبها، بحيث تكون مؤلمة وتُولِّد لديه صعوبة في فهم الحياة والتكيف معها، إذ تعتقد الأم القلقة أن حالة القلق التي تمر بها لا تؤثر على طفلها، ولكن الطفل منذ الأشهر الأولى يتمتع بإحساس كبير بحالة القلق لدى الأم لأن لديه أدواته الفطرية للإحساس بهذا القلق. وثمة مظاهر للقلق تنقلها الأم القلقة للطفل دون شعور؛ منها: أولاً: العالم مخيف ويجب علينا عدم الثقة به والحذر الشديد منه. ثانياً: الآخرون مشكوك فيهم بشكل دائم. ثالثاً: كل التجارب يجب ألا نخوضها لأنها قد تؤذينا. رابعاً: الفشل عار لذلك عدم المحاولة هو الأفضل. خامساً: علينا البقاء في المنزل وعدم التفاعل مع الآخرين. سادساً: كل شيء خارج المنزل مخيف وشبح كبير. على الأمّ تحصين نفسها ضدّ القلق لإيجاد بيئة آمنة مناسبة لنمو صحي للطفل تساعده أن يحب ويتميز ويبدع، وأن تتخلى عن الحماية المفرطة دون الإهمال؛ هذا التوازن قادر على خلق طفل أكثر ثقة إيجابية نحو الآخرين.