ما زال الغموض يحيط بأزمة «القاعدة الدستورية» في ليبيا والتي على أساسها سوف تجرى انتخابات رئاسية وتشريعية، إذ إن عدم الوصول إلى حل لتلك الأزمة يعقد في النهاية المشهد السياسي داخل البلاد في ظل استمرار الخلافات بين مجلسي النواب والدولة وعدم توصلهما لاتفاق مبدئي لحل المسائل الخلافية، رغم تزايد الضغط الدولي والشعبي، وضرورة وضع خريطة طريق لإنهاء الانقسام السياسي. وترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للرئاسة لا يزال يمثل جوهر الخلاف في «القاعدة الدستورية» بين مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح الذي يريد إبقاء باب الترشح مفتوحاً أمام الجميع، وهو ما يعكس رغبة المجلس وعدد من الأعضاء في السماح للمشير خليفة حفتر بالترشح، رغم كونه يحمل جنسية أخرى بجانب خلفيته العسكرية، وهو أمر يرفضه المجلس الأعلى للدولة برئاسة خالد المشري المنتمي ل«حزب العدالة والتنمية» والمؤيد لاستمرار حكومة عبدالحميد الدبيبة إلى حين إجراء انتخابات. وتسيطر حالة من الخوف من عدم تحقيق اتفاق بين الفرقاء وهو ما سيؤدي إلى المزيد من الانقسام في أجهزة الدولة مع وجود تقسيم فعلي في ظل وجود حكومتين متوازيتين وجيشين. وفي هذا السياق، اعتبر الخبير الإستراتيجي اللواء حاتم عز الدين أن ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، يمثل نقطة خلاف كبيرة بين المجلسين «البرلمان والأعلى للدولة» وهو ما سوف يؤدي إلى المزيد من الخلافات والانقسامات، مشدداً على ضرورة تدخل الأطراف الدولية بين الفرقاء الليبيين وتبني إطار دستوري تجري على أساسه الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وهو ما أكدت عليه اجتماعات القاهرة الأخيرة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة. ولفت إلى أنه بحسب اتفاق جرى بين مجلسي النواب والدولة برعاية أممية عام 2021، يضع مجلس النواب القاعدة الدستورية ثم يرسلها إلى المجلس الأعلى للدولة «المنبثق عن اتفاق الصخيرات، للموافقة عليها ومن ثم ترسل إلى هيئة الانتخابات للتنفيذ، لكن الخلاف بين المجلسين حول تلك القاعدة وبعض البنود الواردة فيها حال دون إنجازها، ما أدى في نهاية المطاف إلى تعثر إجراء أي انتخابات. وفي تعليقه ل«عكاظ»، أفاد الخبير المصري بأن ما تردد بطرح مسودة القاعدة الدستورية للاستفتاء الشعبي من الممكن أن يؤدي إلى المزيد من الخلافات خاصة في ظل الانقسامات الراهنة وزيادة أعداد المليشيات والمرتزقة، مستبعداً توصل المجلسين لاتفاق بشأن القاعدة الدستورية ارتكازًا على تاريخ المجلسين من الاجتماعات الطويلة، التي لم تفض إلى نتائج إيجابية. وتحدث عن أهمية التشاور الداخلي في ليبيا وعقد المزيد من الاجتماعات لاتفاق كل الأطراف على إنهاء حالة التخبط السياسي الذي تواجهه ليبيا منذ أكثر من عقد. وشدد على أهمية خروج الفرقاء الليبيين من المصالح الضيقة وتجاوز الخلافات إلى الانطلاق نحو المصالحة الوطنية الشاملة وبناء الدولة وهو أمر مهم للغاية من أجل التوصل إلى توافق ليبي بعد سنوات من الصراع، فضلاً عن أهمية الخروج بقاعدة دستورية سليمة تكون محل قبول عند كل الليبيين، واستعادة السيادة الوطنية للبلاد بحكومة موحدة تقود البلاد لانتخابات رئاسية وبرلمانية. ولفت عز الدين إلى أن التدخلات الخارجية تعطل العملية الانتخابية فضلاً عن المليشيات والمرتزقة.